وقد يبدل بعض ما يؤمر به في العبادة بما هو منهي عنه؛ كمن ستر عورته في الصلاة بثوب محرم، أو توضأ للصلاة بماء مغصوب، أو صلى في بقعة غصب، فهذا مما اختلف العلماء فيه، هل عمله مردود من أصله، أو أنه غير مردود، وتبرأ به الذمة من عهدة الواجب؟
قال الحافظ ابن رجب في "شرح الأربعين": أكثرُ الفقهاء على أنه ليس بمردود من أصله.
وقد حكى عبد الرحمن بن مهدي عن قوم من أصحاب الكلام يقال لهم: الشمريّة أصحاب أبي شمر: أنهم يقولون: إن من صلى في ثوب كان في ثمنه درهمٌ حرام: أن عليه إعادة الصلاة. قال: وما سمعت قولًا أخبثَ من قولهم، نسأل الله العافية.
وعبدُ الرحمن بن مهدي من أكابر فقهاء أهل الحديث المطّلعين على مقالات السلف، وقد استنكر هذا القول، وجعله بدعة، فدل على أنه لم يعلم عن أحد من السلف القول بإعادة الصلاة في مثل هذا، ويشبه هذا الحجُّ بمال حرام، وقد ورد في حديث أنه مردود على صاحبه، ولكنه حديث لا يثبت، وقد اختلف العلماء هل يسقط به الفرض أم لا؟
وقريبٌ من ذلك الذبحُ بآلة محرمة، أو ذبحُ ما لا يجوز له ذبحُه؛ كالسارق، فأكثرُ العلماء قالوا: إنه تباح الذبيحة بذلك، ومنهم من قال: هي محرمة، وكذا الخلافُ في ذبح المحرِم للصيد، لكن القول بالتحريم فيه أشهر وأظهر؛ لأنه منهي عنه لعينه.
ولهذا فرق من فرق من العلماء بين أن يكون النهي لمعنى يختص بالعبادة فيبطلها، وبين أَلَّا يكون مختصًا فلا يبطلها.
فالصلاة بالنجاسة وبغير طهارة أو ستارة أو إلى غير القبلة يبطلها؛