للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب المازري عن ذلك بأنه من باب تعليق الفتيا [لا القضاء] (١).

تنبيهات:

الأول: القصد من إيراد هذا الحديث في هذا الباب صحةُ الحكم على الغائب.

قال علماؤنا: من ادَّعى على غائب عن البلد مسافةَ قصر بغير عَمَلِه، أو ادعى على مستتر إما بالبلد، أو بدون مسافةَ قصر، أو على ميت، أو غير مكلف، وله بينة، ولو شاهدًا ويمينًا فيما يقبل فيه، سُمعت دعواه، وحكم له بذلك (٢)، واحتجوا بقصة هند هذه، وأنه - صلى الله عليه وسلم - قضى لها على أبي سفيان ولم يكن حاضرًا.

قال أبو المظفر عون الدين بن هبيرة -رضوان الله عليه-: اتفقوا؛ أي: الأئمةُ الأربعة على أن الحاكم يسمع دعوى الحاضر وبينته على الغائب.

ثم اختلفوا هل يحكم بها على الغائب؟

فقال أبو حنيفة: لا يحكم له عليه، ولا على من هرب قبل الحكم، وبعد إقامة البينة، فلا يحكم على الغائب بحال، إلا أن يتعلق الحكم للحاضر؛ مثل أن يكون للغائب وكيل أو وصيٌّ، أو يكون جماعة شركاء في شيء، فيدّعي على أحدهم وهو حاضر، فيحكم عليه وعلى الغائب.

وقال مالك: يحكم للغائب على الحاضر إذا أقام البينة وسأل الحاكم.

واستحسن مالك التوقف عن الرباع في رواية. وفي رواية أخرى قال:


(١) في الأصل: "للقضاء"، والصواب ما أثبت. وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٥٠٩).
(٢) انظر: "الإقناع" للحجاوي (٤/ ٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>