للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحكم فيها أيضًا، قال أصحابه: وهو النظر.

وقال الشافعي: يحكم على الغائب إذا قامت البينة للمدعي على الإطلاق.

قال: وعن الإمام أحمد روايتان:

أظهرهما: جواز ذلك على الإطلاق؛ كمذهب الشافعي.

والأخرى: لا يجوز ذلك؛ كمذهب أبي حنيفة، انتهى (١).

ومعتمد المذهب: جواز ذلك إلا في حقوق الله تعالى، فلا تُسمع بينة ولا يُحكم بها على غائب ونحوه. فيقضى في سرقة ثبتت على غائب بغرم مال مسروق دون قطع؛ لحديث: "ادرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم" (٢).

وهل يجب على المحكوم له على غائب ونحوه يمينٌ على بقاء حقه في ذمة الغائب أو الميت، أو لا؟ اختار المنقح وجوبها، قال: والعمل عليه في هذه الأزمنة (٣)؛ لفساد أحوال غالب الناس؛ لاحتمال أن يكون استوفى ما شهدت له به البينة، أو ملكه العين التي شهدت له بها البينة (٤).

الثاني: إذا حضر الغائب، أو كُلِّف غيرُ المكلَّف، أو رشد غيرُ الرشيد، أو ظهر المستتر، فهو على حجته إن كانت له حجة؛ لزوال المانع، والحكم بثبوت أصل الحق لا يبطل دعوى القضاء أو الإبراء ونحوه مما يسقط الحق،


(١) انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (٢/ ٣٥١ - ٣٥٢).
(٢) تقدم تخريجه. وانظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٦/ ٥٥٢).
(٣) انظر: "التنقيح المشبع" للمرداوي (ص: ٤١٢).
(٤) انظر: "منتهى الإرادات" للفتوحي (٥/ ٣٠٠)، و"الإقناع" للحجاوي (٤/ ٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>