للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩]، وقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠].

فيستفاد من الحديث: الحكمُ بالظاهر تشريعًا للأمة، وهو كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا: لا إله إلا الله" (١)، وقوله في حديث المتلاعنين: "لولا الأيمان، لكان لي ولها شأن" (٢).

وقال القرطبي: قد روي في هذا: "إنما أحكم بما أسمع"، و"إنما" للحصر، فكأنه قال: لا أحكم إلا بما أسمع (٣).

وقد اختلف في هذا، فمعتمد مذهب الإمام أحمد: أن الحاكم لا يسوغ له أن يحكم بإذنه إلا بما إذا أقر إنسان في مجلس حكمه، وإن لم يسمعه غيره على المعتمد.

فأما حكمه بعلمه في غير ذلك مما رآه بعينه أو سمعه بأذنه، قبل الولاية أو بعدها، فلا يجوز إلا في الجرح والتعديل، فيعمل الحاكم بعلمه في عدالةِ بينةٍ وجرحِها.

قال في "شرح المنتهى" للمصنف: بغير خلاف (٤).

وقال الإمام مالك في المشهور عنه: الحاكم لا يحكم بعلمه في شيء، وبه قال إسحاق، وأبو عبيد، والشعبي، وروي عن شريح (٥).

قال الإمام المحقق ابن القيم في كتابه "الطرق الحكمية": مذهب الإمام مالك أن الحاكم لا يقضي بعلمه في المدعى به بحال، سواء علمه قبل


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه. وانظر: "شرح مسلم" للنووي (١٢/ ٥).
(٣) انظر: "المفهم" للقرطبي (٥/ ١٥٥).
(٤) انظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٦/ ٥٢٨).
(٥) انظر: "المفهم" للقرطبي (٥/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>