التولية، أو بعدها، في مجلس قضائه، أو غيره، قبلَ الشروع في المحاكمة، أو بعدَ الشروع، فهو أشد المذاهب في ذلك. وقال عبد الملك، وسحنون: يحكم بعلمه فيما علمه بعد الشروع في المحاكمة.
قالوا: فإن حكم بعلمه حيث قلنا: لا يحكم، فقال أبو الحسن اللخمي: لا يُنقض عند بعض أصحابنا، وعندي: أنه ينقض.
قالوا: ولا خلاف أن ما رآه القاضي أو سمعه في غير مجلس قضائه أنه لا يحكم به، وأنه ينتقض إن حكم به، وينقضه هو وغيره، وإنما الخلاف فيما يتقارر به الخصمان في مجلسه، فإن حكم به، نقضه هو، ولا ينقضه غيره.
قال اللخمي: وقد اختلف إذا أقر بعد أن جلسا للخصومة، ثم أنكر، فقال الإمام مالك، وابن القاسم: لا يحكم بعلمه.
وقال عبد الملك، وسحنون: يحكم؛ لأن الخصمين إذا جلسا للحاكم، فقد رضيا أن يحكم بينهما بما يقولانه، ولذلك قصداهُ.
هذا محصل مذهب الإمام مالك (١).
وأما مذهب أبي حنيفة على ما في "الطرق الحكمية" لابن القيم، فقالوا: إذا علم الحاكم بشيء من حقوق العباد في زمن ولايته ومحلها، جاز له أن يقضي به؛ لأن علمه كشهادة الشاهدين، بل أولى؛ لأن اليقين حاصل بما علمه بالمعاينة أو السماع، والحاصل بالشهادة غلبة الظن، وأما ما علمه قبل ولايته، أو في غير محل ولايته، فلا يقضي به عند أبي حنيفة.
وقال محمد، وأبو يوسف: يقضي به كما في حال ولايته ومحلها.