للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المنتصرون لقول أبي حنيفة: هو في غير مصره وغير ولايته شاهدٌ لا حاكم، وشهادة الفرد لا تقبل، وصار كما لو علم ذلك بالبينة العادلة، ثم ولي القضاء، فإنه لا يعمل بها.

قالوا: وأما الحدود، فلا يقضي بعلمه فيها؛ لأنه خصم فيها؛ لأنها حق لله تعالى، وهو نائبه، إلا في حدّ القذف، فإنه يعمل بعلمه؛ لما فيه من حق العبد، وإلا في السكر إذا وَجَدَ سكرانًا، أو رأى به أماراتِ السُّكر، فإنه يعزِّره.

هذا محصل مذهب أبي حنيفة (١).

وأما مذهب الشافعي، فيحكم الحاكم بعلمه في غير عقوبة لله تعالى من حَدٍّ أو تعزير.

قالوا: وشروط الحكم به كما في "شرح المنهج" للقاضي زكريا: أن يصرح الحاكم بمستنده فيقول: علمت أَنَّ له عليكَ ما ادعاه، وحكمتُ عليك بعلمي، قاله الماوردي، والروياني، انتهى (٢).

قال ابن القيم: وأما أهلُ الظاهر، فقال أبو محمد بن حزم: وفرض على الحاكم أن يحكم بعلمه في الدماء والأموال والقصاص والفروج والحدود، سواء علم ذلك قبل ولايته، أو بعدها. قال: وأقوى ما حكم: بعلمه، ثم بالإقرار، ثم بالبينة، واحتجوا لذلك بما لا يجدي (٣).

وهذا الحديث قاصم لظهورهم، ومبطلٌ لدعواهم.


(١) المرجع السابق، (ص: ٢٨٦).
(٢) انظر: "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" للشيخ زكريا الأنصاري (٢/ ٣٦٩).
(٣) انظر: "الطرق الحكمية" لابن القيم (ص: ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>