للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خصمين (اثنين وهو غضبان)؛ أي: في حال غضبه. (وفي رواية) في "الصحيحين": (لا يقضينَّ) نهي مؤكد بالنون الثقيلة (حكم بين اثنين) من الخصماء (وهو غضبان) غضبًا كثيرًا.

قال علماؤنا: يحرم على الحاكم القضاء وهو غضبان كثيرًا؛ لأن الغضب الكثير يمنع فهم الحكم، وكذا في شدة جوع أو عطش، أو هم أو ملل أو كسل، أو نعاس أو برد مؤلم، أو حر مزعج؛ لأن ذلك كله يشغل الفكر الذي يتوصل به إلى إصابة الحق في الغالب، ويمنع حضور القلب (١).

وفي "منهج" القاضي زكريا و"شرحه" له من الشافعية: وكُره قضاءٌ عند تغير خلقه بنحو غضب؛ كجوع وشبع مفرطين، ومرض مؤلم، وخوف مزعج، وفرح شديد.

نعم إن غضب لله، ففي الكراهة [وجهان] (٢):

قال البلقيني: المعتمد: عدمها، انتهى (٣).

لكن معتمد مذهب الشافعية: الكراهة، ولو كان الغضب لله، وإن خالفَ وحكمَ في حالة لا يحل له الحكمُ فيها؛ كما لو حكم وهو غضبان ونحوه، فأصاب الحقَّ، نفذ حكمه في الأصح عندنا كالشافعية (٤)، ومحل الحرمة عندنا، والكراهة عند الشافعية في غير حق النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ للعصمة المانعة من الغلط ونحوه.

قال الإمام الناصر لدين الله أميرُ المؤمنين أبو العباس أحمدُ أحدُ خلفاء


(١) انظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٦/ ٤٩٠).
(٢) في الأصل: "وجهين"، والصواب ما أثبت.
(٣) انظر: "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" للشيخ زكريا الأنصاري (٢/ ٣٦٨).
(٤) انظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٦/ ٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>