للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ من فعل ما أبيح له لم يكن له ولا عليه شيء؛ لأنَّ المباح مستوي الطرفين بالنسبة إلى الشرع (١).

واستظهر الحافظ ابن حجر في "الفتح" في تفسير سورة المائدة: أن تحريم الخمر كان عام الفتح سنة ثمان؛ لما روى الإمام أحمد من طريق عبد الرحمن بن وعلة، قال: سألت ابن عباس عن بيع الخمر، فقال: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - صديق من ثقيفٍ، أو دَوْسٍ، فلقيه يوم الفتح براوية خمر يُهديها إليه، فقال: "يا فلان! أما علمتَ أن الله حرّمها؟ " الحديث (٢)، وتقدم.

وروى الإمام أحمد أيضًا من طريق نافع بن كيسان الثَّقفيُّ، عن أبيه: أنه كان يتجر بالخمر، وأنه أقبل من الشام، فقال: يا رسول الله! إنِّي جئتُك بشرابٍ جيد، فقال: "يا كيسان! إنها حُرّمت بعدَك"، قال: فأبيعها؟ قال: "إنها قد حرّمت، وحرّم ثمنها" (٣).

وروى الإمام أحمد أيضًا، وأبو يعلى من حديث تميم الداري: أنه كان يهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلَّ عام راويةَ خمر، فلما كان عام حرّمت، جاء براوية، فقال: "أشعرتَ أنها قد حرمت بعدك؟ "، قال: أفلا أبيعُها وأنتفعُ بثمنها؟ فنهاه (٤).

فيستفاد من حديث ابن كيسان تسميةُ المبهم في حديث ابن عباس، ومن


(١) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٣/ ١٢).
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٢٣٠)، ولم يتقدم ذكره، كما قال الشارح -رحمه الله-.
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ٣٣٥).
(٤) رواه أحمد في "المسند" (٤/ ٢٢٧)، ولم أقف عليه في "مسند أبي يعلى"، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>