للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم: وقال الحسن البصري، وأبو حنيفة: لا يجب الختان، بل هو سنةٌ، وكذلك قال ابن أبي موسى من علمائنا.

قال: واحتج الموجبون له بوجوه:

أحدها: قوله - تعالى -: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣]، والختان من ملته.

قال غير واحدٍ من السلف: من حجَّ واختتن، فهو حنيفٌ، فالحجُّ والختانُ شعارُ الحنيفية، وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها.

قال الشاعر (١) يخاطب أبا بكر الصديق - رضي الله عنه -: [من الكامل]

أَخَلِيفَةَ الرَّحْمَنِ إِنَّا مَعْشَرٌ ... حُنَفاءُ نَسْجُدُ بُكْرَةً وَأَصيلاَ

عَرَبٌ نَرَى لِلَّهِ فِي أَمْوَالِنَا .. حَقَّ الزَّكاةِ مُنَزَّلاً تَنْزِيلاَ

الثاني: ما رواه الإمام أحمد، وأبو داود: أن رجلاً -وهو كُليب جدُّ عُثَيْم بنِ كثير (٢) - جاء النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: قد أسلمتُ، قال: "أَلْقِ عنكَ شعرَ الكُفْرِ واخْتَتِنْ" (٣).

وحملُه على الندب في إلقاء الشعر لا يلزم حمله في الاختتان.

الثالث: ما روى حربٌ في "مسائله" عن الزهري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أسلمَ، فَلْيَخْتَتِنْ، وإن كانَ كبيراً" (٤).


(١) هو الراعي النُّميري، كما في "ديوانه" (ص: ١٣٦ - ١٣٧)، (ق ٨٦/ ٤٥ - ٤٦).
(٢) انظر: "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (٣/ ٤٧١).
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٤١٥)، وأبو داود (٣٥٦)، كتاب: الطهارة، باب: في الرجل يُسلم فيؤمر بالغسل.
(٤) انظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (٤/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>