للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) متعلق بجاءت (فقالت) أم سُليم -رضي الله عنها-: (يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق)؛ أي: لا يأمر بالحياء في الحق.

وقدمت أم سُليم هذا الكلام بسطًا لعذرها في ذكر ما تستحيي النساء بذكره بحضرة الرجال؛ ولهذا قالت لها عائشة -كما ثبت في "صحيح مسلم"-: فَضَحْتِ النساء (١).

والذي يحسن الابتداء في مثل هذا: أن الذي يُعتذر به إذا كان متقدمًا على المعتذَر منه، أدركته النفسُ صافيًا من العيب، فإذا تأخر العذر، استقبلت النفسُ المعتذَر عنه، فتأثرت بقبحه، ثم يأتي العذر رافعًا، وعلى الأول يأتي دافعًا (٢).

قال ابن دقيق العيد: قد تكلم العلماء في تأويل قولها: إن الله لا يستحيي من الحق.

ولقائلٍ أن يقول: إنما يحتاج إلى تأويل الحياء إذا كان مثبتًا، كما جاء: "إن الله حَيِيّ كريمٌ" (٣)، وأما في النفي، فالمستحيلات على الله تعالى تُنفى، فلا يشترط في النفي أن يكون المنفيُّ ممكنًا.


= النبلاء" للذهبي (٢/ ٢٧)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (٢/ ٦٠٧)، و"تهذيب التهذيب" له أيضاً (٣/ ٣٥٧).
(١) تقدم تخريجه عنده في حديث الباب، برقم (٣١٠ و ٣١٣). وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٢٢٩).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ٩٩).
(٣) رواه أبو داود (١٤٨٨)، كتاب: الصلاة، باب: الدعاء، والترمذي (٣٥٥٦)، كتاب: الدعوات، باب: (١٠٥)، وابن حبان في "صحيحه" (٨٧٦)، عن سلمان - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>