للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أنه لم يرد النفي على الاستحياء مطلقًا، بل ورد على الاستحياء من الحق، ويفهم منه إثباتُه من غير الحق، فيعود بالمفهوم إلى الإثبات.

قال: ومعنى الحديث: أن الله لا يأمر بالحياء في الحق، ولا يبيحه، أو لا يمتنع من ذكره.

قال: وأصل الحياء: الامتناع، أو ما يقاربه من معنى الانقباض (١).

وتعقبه الحافظ ابن حجر في كتاب: الأدب، من "شرح البخاري": بأن الحق أن الامتناع من لوازم الحياء، ولازم الشيء لا يكون أصله، ولما كان الامتناع لازِمَ الحياء، كان في التحريض على ملازمة الحياء حضٌّ على الامتناع عن فعل ما يعاب. انتهى (٢).

وتقدم أن الحياء -بالمد- لغةً: تغيرٌ وانكسار يعتري الإنسان من خوفِ ما يُعاب به.

وشَرْعًا: خُلُق يبعث على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق.

وقيل: المعنى: أن سنة الله وشرعه أَلَّا يُستحيا من الحق.

واستقرب ابن دقيق العيد أن يكون على حذف مضاف تقديره: إن الله لا يمتنع من ذكر الحق، والحق هنا خلاف الباطل، وهو كون الواقع مطابقًا له وموافقًا. ويكون معنى الكلام: أن نقتدي بفعل الله سبحانه في ذلك (٣)،


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ٩٩).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١٠/ ٥٢١).
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام"، لابن دقيق (١/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>