للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن دقيق العيد: هذا الحديث معمولٌ به عند فقهاء الأمصار، وخالف بعض المتقدمين وبعضُ الظاهرية من بعض الوجوه. وصيغة النفي إذا دخلت على فعل في ألفاظ صاحب الشرع، حُمِلت على نفي الفعل الشرعي، لا على الوجودي، فلا صلاة بعد الصبح نفيًا للصلاة الشرعية المعتد بها، لا الحسية؛ لأن الشارع يطلق ألفاظه على عرفه (١).

ومن هذا: "لا نِكَاح إلا بِوَليٍّ" (٢)، و"لا صيامَ لمن لم يُبيِّتِ الصيامَ من الليل" (٣).

ويستمر النهي عن الصلاة بعد الصبح ممتدًا (حتى)؛ أي: إلى أن (تشرق) -بضم أوله- من أشرق (الشمس)؛ أي: ترتفع وتضيء. يؤيده حديث أبي سعيد بعده بلفظ: "حتى ترتفع الشمس" (٤).

ويُروى -بفتح أول تَشْرُقُ، وضم ثالثه، بوزن تَغْرُبُ-. يقال: شَرَقَتِ الشمسُ؛ أي: طلعت (٥).


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ١٥١).
(٢) رواه أبو داود (٢٠٨٥)، كتاب: النكاح، باب: في الولي، والترمذي (١١٠١)، كتاب: النكاح، باب: ما جاء: لا نكاح إلا بولي، وابن ماجه (١٨٨١)، كتاب: النكاح، باب: لا نكاح إلا بولي، وغيرهم عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -.
(٣) رواه النسائي (٢٣٣٤)، كتاب: الصيام، باب: اختلاف الناقلين لخبر حفصة في ذلك، وغيره، عن حفصة - رضي الله عنها -.
(٤) سيأتي تخريجه قريبًا.
(٥) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٥٩). وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٢٤٩)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٢/ ٤٦٤)، و"المحكم" لابن سيده (٦/ ١٦٢)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: ٦٦ - ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>