للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدل على تعدُّدهما: أن مسلمًا روى من حديث أنس - رضي الله عنه -: أن رجلًا من بني سلمة مَرَّ وهم ركوعٌ في صلاة الفجر (١)، فهذا موافق لرواية ابن عمر - رضي الله عنهما (٢)، حيث قال: (إذ جاءهم)؛ أي: الناسَ الذين في صلاة الصبح من أهل قُباءٍ (آتٍ) فاعلُ جاء، مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين.

قال البرماوي: الآتي هو عباد بن بشر الأشهليُّ، قاله الفاكهي في "أخبار مكة" (٣). وقيل: عباد بن نُهَيك -بضم النون وفتح الهاء-.

وفي "الفتح": أنه -بفتح النون وكسر الهاء (٤)، الخطميُّ الأنصاريُّ، قاله ابن عبد البر (٥)، وكذا قاله ابن سِيْدَه: هو عباد بن لهيب بن إساف الخزرجي الشاعر، عُقَر في الجاهلية زمانًا، وأسلم وهو شيخ كبير، فوضع عنه - صلى الله عليه وسلم - الغزوَ.

وهو الذي صلَّى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين إلى بيت المقدس، وركعتين إلى الكعبة يوم صرف القبلة -يعني: من صلاة الظهر-، ثم أتى قومه بني حارثة وهم ركوع من صلاة العصر، فأخبرهم بتحويل القبلة، فاستداروا إلى الكعبة.


(١) رواه مسلم (٥٢٧)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة.
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٥٠٦).
(٣) ولم أره فيما طبع من كتابه هذا، والله أعلم. وقد حكى هذا القولَ ابنُ بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" (١/ ٢٢٥).
(٤) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٩٧).
(٥) انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (٢/ ٨٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>