وَقْتًا لَهُمَا فِي حَالِ الْعُذْرِ وَالضَّرُورَةِ فَإِنْ كَانَ هَذَا اعْتِبَارًا صَحِيحًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ فِي الْمَرْأَةِ إذَا حَاضَتْ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ أَنْ تَلْزَمَهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمِيعًا كَمَا أَنَّهَا إذَا طَهُرَتْ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ لَزِمَتْهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمِيعًا وَقَدْ أَدْرَكَتْ هَذِهِ الَّتِي حَاضَتْ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَجُوزُ لَهَا فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِلْعُذْرِ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ غَيْرُ وَقْتِ الظُّهْرِ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ وَأَنَّهُ لَا تَلْزَمُ أَحَدًا صَلَاةُ الظُّهْرِ بِإِدْرَاكِهِ وَقْتَ الْعَصْرِ دون وقت الظهر.
وَقْتُ الْعَصْرِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَّا أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيهِ وَالصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَوَقْتِ الْعَصْرِ وَاسِطَةٌ وَقْتٍ مِنْ غَيْرِهِمَا وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّ آخِرَ وقت الظهر أن يصير الظل أقل قَامَتَيْنِ وَأَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ إذَا صَارَ الظِّلُّ قَامَتَيْنِ فَهُوَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ وَهِيَ أَيْضًا مُخَالِفَةٌ لِلْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرْ وَقْتُ الْعَصْرِ
وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ حِينَ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ التَّفْرِيطُ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَتْرُكَهَا حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى
وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ إمَّا الْمِثْلَانِ وَإِمَّا الْمِثْلُ وَأَنَّ بِخُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ وَاتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الْعَصْرِ غُرُوبُ الشَّمْسِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ وَيَحْتَجُّ فِيهِ بِنَهْيِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا الْغُرُوبُ
قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَاتَهُ الْعَصْرُ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ فَجَعَلَ فواتها بالغروب
وروى أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا إلَى الْغُرُوبِ فَإِنْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ
بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ حِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ
فَإِنَّ هَذَا عِنْدَنَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّأْخِيرِ وَبَيَانِ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ كَمَا
رُوِيَ فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ آخِرُ وَقْتِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ نِصْفُ اللَّيْلِ
وَمُرَادُهُ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ مَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ وَقْتِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَأَنَّ مُدْرِكَهُ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ الْإِسْلَامِ