للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدْ جَرَتْ عَادَةُ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ بِأَنْ يَقُولُوا أَسَاءَ بِنَا الدَّهْرُ وَنَحْوَ ذَلِكَ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسُبُّوا فَاعِلَ هَذِهِ الْأُمُورِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ فَاعِلُهَا وَمُحْدِثُهَا

وَأَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ مَا

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو داود وقال حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَاحِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرَ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ قَالَ ابْنُ السَّرْحِ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مَكَانَ سَعِيدٍ

فَقَوْلُهُ وَأَنَا الدَّهْرَ

مَنْصُوبٌ بِأَنَّهُ ظَرْفٌ لِلْفِعْلِ

كَقَوْلِهِ تَعَالَى أَنَا أَبَدًا بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ

وَكَقَوْلِ الْقَائِلِ أَنَا الْيَوْمَ بِيَدِي الْأَمْرُ أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا وَلَوْ كَانَ مَرْفُوعًا كَانَ الدَّهْرُ اسْمًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا يُسَمِّي اللَّهَ بِهَذَا الِاسْمِ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابن مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إنَّ اللَّهَ يَقُولُ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرَ أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا

فَهَذَانِ هُمَا أَصْلُ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ وَالْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا وَإِنَّمَا غَلِطَ بَعْضُ الرُّوَاةِ فَنَقَلَ الْمَعْنَى عِنْدَهُ فَقَالَ لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرَ وَأَمَّا

قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ

فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَلْحَقُهُ الْأَذَى وَلَا الْمَنَافِعُ وَالْمَضَارُّ وَإِنَّمَا هُوَ مَجَازٌ مَعْنَاهُ يُؤْذِي أَوْلِيَائِي لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْفَاعِلُ لِهَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي يَنْسُبُهَا الْجُهَّالُ إلَى الدَّهْرِ فَيَتَأَذَّوْنَ بِذَلِكَ كَمَا يَتَأَذَّوْنَ بِسَمَاعِ سَائِرِ ضُرُوبِ الْجَهْلِ وَالْكُفْرِ وَهُوَ كقوله إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَعْنَاهُ يُؤْذُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ آخِرُ سُورَةِ حم الجاثية.

سُورَةِ الْأَحْقَافِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قَوْله تعالى وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ بِرَجْمِ امْرَأَةٍ قَدْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ قَالَ الله تعالى وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً وقال وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ وَرُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَنَّ عُثْمَانَ رَجَعَ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ كُلَّ مَا زَادَ فِي الْحَمْلِ نَقَصَ مِنْ الرَّضَاعِ فَإِذَا كَانَ الْحَمْلُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَالرَّضَاعُ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ جَمِيعُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الرَّضَاعَ حَوْلَانِ فِي جَمِيعِ النَّاسِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَنْ زَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>