كَذَا فَهُوَ يَمِينٌ
قَوْله تَعَالَى وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً شَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ قُرْبَةٌ ثُمَّ فَسَخَهُ وَلَمْ يُتِمَّهُ بِالْمَرْأَةِ الَّتِي تَغْزِلُ شَعْرًا أَوْ مَا أَشْبَهَهُ ثُمَّ نَقَضَتْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ فَتَلَتْهُ فَتْلًا شَدِيدًا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ لأن العرب تسمى شدة الْفَتْلَ قُوَّةً فَمَنْ عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ عَقْدًا أَوْ أَوْجَبَ قُرْبَةً أَوْ دَخَلَ فِيهَا أَنْ لَا يُتِمَّهَا فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا بَعْدَ قُوَّةٍ وَهَذَا يُوجِبُ أَنَّ كُلَّ مَنْ دَخَلَ فِي صَلَاةِ تَطَوُّعٍ أَوْ صَوْمِ نَفْلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقُرَبِ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ قَبْلَ إتْمَامِهِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أنكاثا.
بَابُ الِاسْتِعَاذَةِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ
روى عمر وبن مرة عن عبادة بْنِ عَاصِمٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِك مِنْ الشَّيْطَانِ مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ
وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ في صلاته قبل القراءة
وروى عن عمرو ابن عُمَرَ الِاسْتِعَاذَةُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ الِاسْتِعَاذَةُ وَاجِبَةٌ لِكُلِّ قِرَاءَةٍ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ إذَا تَعَوَّذْت مَرَّةً أَوْ قَرَأْت مَرَّةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَجْزَأَ عَنْك وكذلك روى عن إبراهيم النخعي وكان يَسْتَعِيذُ فِي الصَّلَاةِ حِينَ يَسْتَفْتِحُ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ رِوَايَةٌ أُخْرَى قَالَ كُلَّمَا قَرَأْت فَاتِحَةَ الْكِتَابِ حِينَ تَقُولُ آمِينَ فَاسْتَعِذْ وَقَالَ أَصْحَابُنَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ يَتَعَوَّذُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ
وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُتَعَوَّذُ فِي الْمَكْتُوبَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَيُتَعَوَّذُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ إذَا قَرَأَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَوْلُهُ فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ أَنْ تَكُونَ الِاسْتِعَاذَةُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ كَقَوْلِهِ فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَلَكِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ السَّلَفِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ الِاسْتِعَاذَةُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِطْلَاقِ مِثْلِهِ وَالْمُرَادُ إذَا أَرَدْت ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا
وقوله وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ تَسْأَلَهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ بَعْدَ سُؤَالٍ مُتَقَدِّمٍ وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مَعْنَاهُ إذَا قَرَأْت فَقَدِّمْ الِاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute