الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ وَكَانُوا عَلَى غَايَةِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَلَّفَ اللَّه بَيْنَ قُلُوبِهِمْ بِالْإِسْلَامِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ وابن إسحاق والسدى وقال مجاهد هو كُلِّ مُتَحَابَّيْنِ فِي اللَّه
قَوْله تَعَالَى إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مائتين إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الواسطي قال حدثنا جعفر بن محمد بن الْيَمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بن صالح عن معاوية بن صالح عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مائتين
قَالَ أَمَرَ اللَّه تَعَالَى الرَّجُلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَاتِلَ عَشَرَةً مِنْ الْكُفَّارِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَرَحِمَهُمْ فَقَالَ فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يغلبوا ألفين وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَيُّمَا رِجْلٍ فَرَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَلَمْ يَفِرَّ وَمَنْ فَرَّ مِنْ اثْنَيْنِ فَقَدْ فَرَّ وَإِنَّمَا عَنَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَكَانَ الْفَرْضُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْوَاحِدِ قِتَالُ الْعَشَرَةِ مِنْ الْكُفَّارِ لِصِحَّةِ بَصَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَصِدْقِ يَقِينِهِمْ ثُمَّ لَمَّا أَسْلَمَ قَوْمٌ آخَرُونَ خَالَطَهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَصَائِرُهُمْ وَنِيَّاتُهُمْ خَفَّفَ عَنْ الْجَمِيعِ وَأَجْرَاهُمْ مَجْرًى وَاحِدًا فَفَرَضَ عَلَى الْوَاحِدِ مُقَاوَمَةَ الِاثْنَيْنِ قَوْله تَعَالَى الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضعفا لَمْ يُرِدْ بِهِ ضَعْفَ الْقُوَى وَالْأَبْدَانِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ ضَعْفُ النِّيَّةِ لِمُحَارَبَةِ الْمُشْرِكِينَ فَجَعَلَ فَرْضَ الْجَمِيعِ فَرْضَ ضُعَفَائِهِمْ وَقَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ مَسْعُودٍ مَا ظَنَنْت أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُ بِقِتَالِهِ غَيْرَ اللَّه حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يريد الآخرة فَكَانَ الْأَوَّلُونَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ النِّيَّاتِ فَلَمَّا خَالَطَهُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا بِقِتَالِهِ سَوَّى بَيْنَ الْجَمِيعِ فِي الْفَرْضِ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى بُطْلَانِ مَنْ أَبَى وُجُودَ النَّسْخِ فِي شريعة النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم وإن لم يكن قائله معتقدا بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مائتين وَالتَّخْفِيفُ لَا يَكُونُ إلَّا بِزَوَالِ بَعْضِ الْفَرْضِ أو النفل عَنْهُ إلَى مَا هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ نَاسِخَةٌ لِلْفَرْضِ الْأَوَّلِ وَزَعَمَ الْقَائِلُ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ إنْكَارِ النَّسْخِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ أَمْرٌ وَإِنَّمَا فِيهِ الْوَعْدُ بِشَرِيطَةٍ فَمَتَى وَفَّى بِالشَّرْطِ أَنْجَزَ الْوَعْدَ وَإِنَّمَا كَلَّفَ كُلَّ قَوْمٍ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى قَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِمْ فَكَانَ عَلَى الْأَوَّلِينَ مَا ذَكَرَ مِنْ مُقَاوَمَةِ الْعِشْرِينَ لِلْمِائَتَيْنِ وَالْآخَرُونَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ نَفَاذِ الْبَصِيرَةِ مِثْلُ مَا لِلْأَوَّلِينَ فَكُلِّفُوا مُقَاوَمَةَ الْوَاحِدِ لِلِاثْنَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute