الْقَبْرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ وقال لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ أى لسان الذي يؤمنون إليه والباء في قوله بِإِلْحادٍ زائدة كقوله تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ أَيْ تُنْبِتُ الدُّهْنَ وقَوْله تَعَالَى فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ ظُلْمُ الخادم فيما فَوْقَهُ بِمَكَّةَ إلْحَادٌ وَقَالَ عُمَرُ احْتِكَارُ الطَّعَامِ بِمَكَّةَ إلْحَادٌ وَقَالَ غَيْرُهُ الْإِلْحَادُ بِمَكَّةَ الذُّنُوبُ وَقَالَ الْحَسَنُ أَرَادَ بِالْإِلْحَادِ الْإِشْرَاكَ بِاَللَّهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِلْحَادُ مَذْمُومٌ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَيْلِ عَنْ الْحَقِّ وَلَا يُطْلَقُ فِي الْمَيْلِ عَنْ الْبَاطِلِ إلَى الْحَقِّ فَالْإِلْحَادُ اسْمٌ مَذْمُومٌ وَخَصَّ اللَّهُ تَعَالَى الْحَرَمَ بِالْوَعِيدِ فِي الْمُلْحِدِ فِيهِ تَعْظِيمًا لِحُرْمَتِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمُتَأَوِّلُونَ لِلْآيَةِ أَنَّ الْوَعِيدَ فِي الْإِلْحَادِ مُرَادٌ بِهِ مَنْ أَلْحَدَ فِي الْحَرَمِ كُلِّهِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَخْصُوصٍ بِهِ الْمَسْجِدُ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ قَدْ أُرِيدَ بِهِ الْحَرَمُ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ هَذِهِ الْهَاءُ كِنَايَةٌ عَنْ الْحَرَمِ وَلَيْسَ لِلْحَرَمِ ذكر متقدم إلا قوله وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ فثبت أن المراد بالمسجد هاهنا الحرم كله
وقد روى عمارة ابن ثَوْبَانَ قَالَ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم احْتِكَارُ الطَّعَامِ بِمَكَّةَ إلْحَادٌ
وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ بَيْعُ الطَّعَامِ بِمَكَّةَ إلْحَادٌ وَلَيْسَ الْجَالِبُ كَالْمُقِيمِ وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الذُّنُوبِ مُرَادًا بِقَوْلِهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ فَيَكُونُ الِاحْتِكَارُ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الظُّلْمُ وَالشِّرْكُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الذَّنْبَ فِي الْحَرَمِ أَعْظَمُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ كَرِهَ الْجِوَارَ بِمَكَّة ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الذُّنُوبُ بِهَا تَتَضَاعَفُ عُقُوبَتُهَا آثَرُوا السَّلَامَةَ فِي تَرْكِ الْجِوَارِ بِهَا مَخَافَةَ مُوَاقَعَةِ الذُّنُوبِ الَّتِي تَتَضَاعَفُ عُقُوبَتُهَا
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يُلْحِدُ بِمَكَّةَ رِجْلٌ عَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِ عَذَابِ أَهْلِ الْأَرْضِ
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ رَجُلٌ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ وَرَجُلٌ قَتَلَ غَيْرَ قاتله ورجل قتل بدخول الْجَاهِلِيَّةِ
قَوْله تَعَالَى وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ رَوَى مُعْتَمِرٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله تعالى وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ قَالَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَيْفَ أُؤْذِنُهُمْ قَالَ تَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا قَالَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا فَصَارَتْ التَّلْبِيَةُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَرَوَى عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا ابْتَنَى إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْبَيْتَ قَالَ أَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إنَّ رَبَّكُمْ قَدْ اتَّخَذَ بَيْتًا وَأَمَرَكُمْ أَنْ تَحُجُّوهُ فَاسْتَجَابَ لَهُ مَا سَمِعَهُ مِنْ صَخْرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute