الشَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ مِمَّنْ لَمْ يُسَمِّهِ فِي احْتِجَاجِهِ عَلَى مُحَمَّدٍ فِي نَفْيِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْ رَجُلَيْنِ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ أَبَوَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ اللَّفْظُ غَيْرُ مُحْتَمِلٍ لِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْقَلْبَ لَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْأَبِ لَا مَجَازًا وَلَا حَقِيقَةً وَلَا ذَلِكَ اسْمٌ لَهُ فِي الشَّرِيعَةِ فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى خَطَأٌ مِنْ وُجُوهٍ
وَقَدْ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى جَارِيَةً مُجِحًّا فَقَالَ لِمَنْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ فَقَالُوا لِفُلَانٍ فَقَالَ أَيَطَؤُهَا قَالُوا نَعَمْ قَالَ لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنَةَ رَجُلٍ يَدْخُلُ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَمْ كَيْفَ يَسْتَرِقُّهُ وَقَدْ غَذَاهُ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ
فَقَوْلُهُ قَدْ غَذَّاهُ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ مِنْ مَاءِ رَجُلَيْنِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ إثْبَاتُ نَسَبِ الْوَلَدِ مِنْ رَجُلَيْنِ وَلَا يُعْرَفُ عَنْ غَيْرِهِمَا مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ وقَوْله تَعَالَى وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ كَانُوا يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ فَيَقُولُونَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ فِي التَّحْرِيمِ وَجَعَلَ هَذَا الْقَوْلَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَأَلْزَمَهُ بِذَلِكَ تَحْرِيمًا تَرْفَعُهُ الْكَفَّارَةُ وَأَبْطَلَ مَا أَوْجَبَهُ الْمُظَاهِرُ مِنْ جَعْلِهِ إيَّاهَا كَالْأُمِّ لِأَنَّ تحريمها تحريما مؤبدا وقوله تعالى وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ قِيلَ إنَّهُ نَزَلَ فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَبَنَّاهُ فَكَانَ يُقَالُ لَهُ زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا يُوجِبُ نَسْخَ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ كَانَ ثَابِتًا بِغَيْرِ الْقُرْآنِ وَنَسَخَهُ بِالْقُرْآنِ وقَوْله تَعَالَى ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ يَعْنِي أَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلٌ لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا حَقِيقَةَ
وقَوْله تَعَالَى ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ فِيهِ إبَاحَةُ إطْلَاقِ اسْمِ الْأُخُوَّةِ وَحَظْرُ إطْلَاقِ اسْمِ الْأُبُوَّةِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ النَّسَبِ وَلِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ هُوَ أَخِي لَمْ يُعْتَقْ إذَا قَالَ لَمْ أُرِدْ بِهِ الْأُخُوَّةَ مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُطْلَقُ فِي الدِّينِ وَلَوْ قَالَ هُوَ ابْنِي عَتَقَ لِأَنَّ إطْلَاقَهُ مَمْنُوعٌ إلَّا مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ ادَّعَى إلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ
وقَوْله تَعَالَى وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ رَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَلَيْسَ عليكم جناح فيما أخطأتم به قَالَ قِيلَ هَذَا النَّهْيُ فِي هَذَا أَوْ في غيره ولكن ما تعمدت قلوبكم وَالْعَمْدُ مَا آثَرْته بَعْدَ الْبَيَانِ فِي النَّهْيِ فِي هَذَا أَوْ فِي غَيْرِهِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن محمد بن إسحاق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute