للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغُسْلَ صَارَ كَقَوْلِهِ

وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَى الْحَائِضِ الْغُسْلَ بَعْدَ انْقِضَاءِ حَيْضِهَا وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَاتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ إطْلَاقٌ مِنْ حَظْرٍ وَإِبَاحَةٍ وَلَيْسَ هُوَ عَلَى الْوُجُوبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَهُوَ إبَاحَةٌ وَرَدَتْ بَعْدَ حَظْرٍ وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ يَعْنِي فِي الْفَرْجِ وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ بِتَجَنُّبِهِ فِي الْحَيْضِ فِي أَوَّلِ الْخِطَابِ فِي قوله فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَقَالَ السُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ مِنْ قِبَلِ الطُّهْرِ دُونَ الْحَيْضِ وَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ قِبَلِ النِّكَاحِ دُونَ الْفُجُورِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا كُلُّهُ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَانْتَظَمَتْ الْآيَةُ جَمِيعَ ذَلِكَ قَوْلُهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ الْمُتَطَهِّرِينَ بِالْمَاءِ لِلصَّلَاةِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْمُتَطَهِّرِينَ مِنْ الذُّنُوبِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمُتَطَهِّرِينَ بِالْمَاءِ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ ذِكْرُ الطَّهَارَةِ فَالْمُرَادُ بِهَا الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ للصلاة في قوله فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ فالأظهر أن يكون قوله وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ مَدْحًا لِمَنْ تَطَهَّرَ بِالْمَاءِ لِلصَّلَاةِ وَقَالَ تَعَالَى فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ وَرُوِيَ أَنَّهُ مَدَحَهُمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ

وقوله تَعَالَى نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ الْحَرْثُ الْمُزْدَرَعُ وَجُعِلَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كِنَايَةً عَنْ الْجِمَاعِ وَسَمَّى النِّسَاءَ حَرْثًا لِأَنَّهُنَّ مُزْدَرَعُ الأولاد وقوله فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إبَاحَةَ الْوَطْءِ مَقْصُورَةٌ عَلَى الْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْحَرْثِ وَاخْتُلِفَ فِي إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ فَكَانَ أَصْحَابُنَا يُحَرِّمُونَ ذَلِكَ وَيَنْهَوْنَ عَنْهُ أَشَدَّ النَّهْيِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ فِيمَا حَكَاهُ الْمُزَنِيّ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَحَكَى لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد الحكم أَنَّهُ سَمِعَ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تَحْرِيمِهِ وَلَا تَحْلِيلِهِ شَيْءٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَلَالٌ وَرَوَى أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ مَا أَدْرَكْت أَحَدًا أَقْتَدِي بِهِ فِي دِينِي يَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُ حَلَالٌ يَعْنِي وَطْءَ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا ثُمَّ قَرَأَ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ قَالَ فَأَيُّ شَيْءٍ أَبْيَنُ مِنْ هَذَا وَمَا أَشُكُّ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقُلْت لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ إنَّ عِنْدَنَا بِمِصْرَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يُحَدِّثُنَا عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قُلْت لِابْنِ عُمَرَ مَا تَقُولُ فِي الْجَوَارِي أَنُحَمِّضُ لَهُنَّ فَقَالَ وَمَا التَّحْمِيضُ فَذَكَرْت الدُّبُرَ قَالَ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>