وَعِنْدَ مَنْ لَا يَجْعَلُهُ بِمَنْزِلَةِ الزِّنَا مِمَّنْ يُوجِبُ قَتْلَهُ فَإِنَّمَا يَقْتُلُهُ رَجْمًا فَقَتْلُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَيْسَ هُوَ قَوْلًا لِأَحَدٍ وَلَوْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الزِّنَا لَفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُحْصَنِ وَغَيْرِ الْمُحْصَنِ وَفِي تَرْكِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجِبْهُ على وجه الحد.
في الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَةَ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ لَا حد عليه ويعزر وروى مثله عن بن عُمَرَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عَلَيْهِ الْحَدُّ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ زِنًا بَعْدَ إحْصَانٍ وَكُفْرٌ بَعْدَ إيمَانٍ وَقَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ
يَنْفِي قَتْلَ فَاعِلِ ذَلِكَ إذْ لَيْسَ ذَلِكَ بِزِنًا فِي اللُّغَةِ وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْحُدُودِ إلَّا مِنْ طَرِيقِ التَّوْقِيفِ أَوْ الِاتِّفَاقِ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ مِنْ طَرِيقِ الْمَقَايِيسِ
وَقَدْ رَوَى عمر وبن أبى عمر وعن عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة
وعمر وهذا ضعيف لا نثبت بِهِ حُجَّةٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَأَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَنْ أَتَى بَهِيمَةً أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إسْرَائِيلُ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ وَأَبُو الْأَحْوَصِ وَشَرِيكٌ وكلهم عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنْ ابْنِ عباس مثله ولو كان حديث عمر وبن أَبِي عَمْرٍو ثَابِتًا لَمَا خَالَفَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وهو رواية إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ صَحَّ الْخَبَرُ كَانَ مَحْمُولًا على من استحله.
(فصل) قال أبو بكر وقد أَنْكَرَتْ طَائِفَةٌ شَاذَّةٌ لَا تُعَدُّ خِلَافًا الرَّجْمَ وَهُمْ الْخَوَارِجُ
وَقَدْ ثَبَتَ الرَّجْمُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَبِنَقْلِ الْكَافَّةِ وَالْخَبَرِ الشَّائِعِ الْمُسْتَفِيضِ الَّذِي لَا مَسَاغَ لِلشَّكِّ فِيهِ وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ فَرَوَى الرَّجْمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وعلى وجابر ابن عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَبُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ فِي آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَخَطَبَ عُمَرُ فَقَالَ لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لأثبته في بعض الْمُصْحَفِ وَبَعْضُ هَؤُلَاءِ الرُّوَاةِ يَرْوِي خَبَرَ رَجْمِ مَاعِزٍ وَبَعْضُهُمْ خَبَرَ الْجُهَيْنِيَّةِ وَالْغَامِدِيَّةِ وَخَبَرُ مَاعِزٍ يَشْتَمِلُ عَلَى أَحْكَامٍ مِنْهَا أَنَّهُ رَدَّدَهُ ثَلَاثَ مرات ثم لما أقر الرابعة سأل عن صحة عقله فقال هل به جنة فقالوا لا وإنه استنهكه ثُمَّ قَالَ لَهُ لَعَلَّك لَمَسْت لَعَلَّك قَبَّلْت فَلَمَّا أَبَى إلَّا التَّصْمِيمَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِصَرِيحِ الزِّنَا سَأَلَ عَنْ إحْصَانِهِ ثُمَّ لَمَّا هَرَبَ حِينَ أَدْرَكَتْهُ الْحِجَارَةُ قَالَ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ وَفِي تَرْدِيدِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ عَنْ عَقْلِهِ بعد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute