للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ دُخُولِهَا لِئَلَّا يُقَالَ هَذَا وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا مَا ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْخُلَهَا فَعَسَى يَمُوتُ فِيهَا بِأَجَلِهِ فَيَقُولُ قَوْمٌ مِنْ الْجُهَّالِ لَوْ لَمْ يَدْخُلْهَا لَمْ يَمُتْ وَقَدْ أَصَابَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى حِينَ قَالَ.

يَقُولُونَ لِي لَوْ كَانَ بِالرَّمْلِ لَمْ تَمُتْ بُثَيْنَةُ وَالْأَنْبَاءُ يُكَذَّبُ قِيلُهَا وَلَوْ أَنَّنِي اسْتَوْدَعْتهَا الشَّمْسَ لَاهْتَدَتْ إلَيْهَا الْمَنَايَا عَيْنُهَا وَدَلِيلُهَا وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قَدَّمْنَا مَا

رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُورِدَنَّ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ

مَعَ قَوْلِهِ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ لِئَلَّا يُقَالَ إذَا أَصَابَ الصَّحِيحَ عَاهَةٌ بَعْد إيرَادِ ذِي عَاهَةٍ عَلَيْهِ إنَّمَا أَعْدَاهُ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ

وَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ النُّقْبَةَ تَكُونُ بِمِشْفَرِ الْبَعِيرِ فَتَجْرَبُ لَهَا الْإِبِلُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا أَعْدَى الْأَوَّلَ

وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الزُّبَيْرَ اسْتَفْتَحَ مِصْرًا فَقِيلَ لَهُ إنَّ هُنَا طَاعُونًا فَدَخَلَهَا وَقَالَ مَا جِئْنَا إلَّا لِلطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا جَهَّزَ الْجُيُوشَ إلَى الشَّامِّ شَيَّعَهُمْ ودعا لهم وقال اللهم أفهم بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ فَقَالَ قَائِلُونَ لَمَّا رَآهُمْ عَلَى حَالِ الِاسْتِقَامَةِ وَالْبَصَائِرِ الصَّحِيحَةِ وَالْحِرْصِ عَلَى جِهَادِ الْكُفَّارِ خَشِيَ عَلَيْهِمْ الْفِتْنَةَ وَكَانَتْ بِلَادُ الشَّامِ بِلَادَ الطَّاعُونِ مَشْهُورٌ ذَلِكَ بِهَا أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُمْ عَلَى الْحَالِ الَّتِي خَرَجُوا عَلَيْهَا قَبْل أَنْ يَفْتَتِنُوا بِالدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا وَقَالَ آخَرُونَ

قَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ

يَعْنِي عِظَمَ الصَّحَابَةِ وَأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهِ سَيَفْتَحُ الْبِلَادَ بِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ فَرَجَا أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخبر عن حالهم ولذلك لم يجب أَبُو عُبَيْدَةَ الْخُرُوجَ مِنْ الشَّامِ وَقَالَ مُعَاذٌ لَمَّا وَقَعَ الطَّاعُونُ بِالشَّامِ وَهُوَ بِهَا قَالَ اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا حَظًّا مِنْهُ وَلَمَّا طُعِنَ فِي كَفِّهِ أَخَذَ يُقَبِّلُهَا وَيَقُولُ مَا يَسُرُّنِي بِهَا كَذَا وَكَذَا وَقَالَ لَئِنْ كُنْت صَغِيرًا فَرُبَّ صَغِيرٍ يُبَارِكُ اللَّهُ فِيهِ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا يَتَمَنَّى الطَّاعُونَ لِيَكُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا أُمَّتَهُ الَّذِينَ يَفْتَحُ اللَّهُ بِهِمْ الْبِلَادَ وَيُظْهِرُ بِهِمْ الْإِسْلَامَ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ أَنْكَرَ عَذَابَ الْقَبْرِ وَزَعَمَ أَنَّهُ مِنْ الْقَوْلِ بِالتَّنَاسُخِ لِأَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَمَاتَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ فَكَذَلِكَ يُحْيِيهِمْ فِي الْقَبْرِ وَيُعَذِّبُهُمْ إذَا اسْتَحَقُّوا ذَلِكَ

وقَوْله تَعَالَى وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>