فَخْرَ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهَا شُكْرًا لَا افْتِخَارًا
عَلَى نَحْوِ قَوْله تَعَالَى وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ
قوله تعالى وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ هُوَ السُّرْعَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَأَوَّلَهُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُخْتَالَ فِي مِشْيَتِهِ لَا يُسْرِعُ فِيهَا فَسُرْعَةُ الْمَشْيِ تُنَافِي الْخُيَلَاءَ وَالتَّكَبُّرَ وقَوْله تَعَالَى وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ فِيهِ أَمْرٌ بِخَفْضِ الصَّوْتِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوَاضُعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَرَفْعُ الصَّوْتِ عَلَى وَجْهِ ابْتِهَارِ النَّاسِ وَإِظْهَارِ الِاسْتِخْفَافِ بِهِمْ مَذْمُومٌ فَأَبَانَ عَنْ قُبْحِ هَذَا الْفِعْلِ وَأَنَّهُ لَا فَضِيلَةَ فِيهِ لِأَنَّ الْحَمِيرَ تَرْفَعُ أَصْوَاتَهَا وَهُوَ أَنْكَرُ الْأَصْوَاتِ قَالَ مُجَاهِدٌ في قوله أَنْكَرَ الْأَصْواتِ أَقْبَحُهَا كَمَا يُقَالُ هَذَا وَجْهٌ مُنْكَرٌ فَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ وَأَدَّبَ الْعِبَادَ تَزْهِيدًا لَهُمْ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ
وقَوْله تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحامِ مَفْهُومُ هَذَا الْخِطَابِ الْإِخْبَارُ بِمَا يَعْلَمُهُ هُوَ دُونَ خَلْقِهِ وَأَنَّ أَحَدًا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا بِإِعْلَامِهِ إيَّاهُ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَقِيقَةَ وُجُودِ الْحَمْلِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ وُجُودَهُ وَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ نَافِي حَمْلَ امْرَأَتِهِ مِنْ نَفْسِهِ غَيْرَ قَاذِفٍ لَهَا وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ قَوْله تَعَالَى وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدًا لَا يَسْتَحِقُّ عِنْدَ اللَّهِ فَضِيلَةً بِشَرَفِ أَبِيهِ وَلَا بِنَسَبِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْصُصْ أَحَدًا بِذَلِكَ دُونَ أَحَدٍ وَبِذَلِكَ وَرَدَ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
قَوْلِهِ مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ
وَقَالَ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا يَأْتِينِي النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ وَتَأْتُونِي بِأَنْسَابِكُمْ فَأَقُولُ إنِّي لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا
وَقَوْلُهُ لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ مَعْنَاهُ لَا يُغْنِي يُقَالُ جَزَيْت عَنْك إذَا أَغْنَيْت عَنْك آخِرَ سُورَةِ لُقْمَانَ.
سُورَةُ السَّجْدَةِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قَوْله تَعَالَى تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ
حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ فِي قَوْلِهِ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ قَالَ كُنْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْت يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْت يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنْ النَّارِ قَالَ لَقَدْ سَأَلْت عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute