امْتِنَاعِ جَوَازِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ فَقَالَ لَمَّا حكم الله لِلْمُولِي بِأَحَدِ حُكْمَيْنِ مِنْ فَيْءٍ أَوْ عَزِيمَةِ الطَّلَاقِ فَلَوْ جَازَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ لَسَقَطَ الْإِيلَاءُ بِغَيْرِ فَيْءٍ وَلَا عَزِيمَةِ طَلَاقٍ لِأَنَّهُ إنْ حَنِثَ لَا يَلْزَمُهُ بِالْحِنْثِ شَيْءٌ وَمَتَى لَمْ يَلْزَمْ الْحَالِفَ بِالْحِنْثِ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَفِي جَوَازِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ إسْقَاطُ حُكْمِ الْإِيلَاءِ بِغَيْرِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ وَذَلِكَ خِلَافُ الْكِتَابِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
بَابُ الْأَقْرَاءِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ واختلف السَّلَفُ فِي الْمُرَادِ بِالْقُرْءِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ
فَقَالَ عَلِيٌّ وَعُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو مُوسَى هُوَ الْحَيْضُ
وَقَالُوا هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ عِيسَى الْحَافِظِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَرَ فَالْخَبَرَ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ قَالُوا الرَّجُلُ أَحَقُّ بِامْرَأَتِهِ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَائِشَةُ إذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا قَالَتْ عَائِشَةُ الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا وَلَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ حَتَّى تَغْتَسِلَ وَقَالَ أَصْحَابُنَا جَمِيعًا الْأَقْرَاءُ الْحَيْضُ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا قَدْ قَالُوا لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إذَا كَانَتْ أَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ يَذْهَبَ وَقْتُ صَلَاةٍ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّة فِي ذَلِكَ مِثْلُ الْمُسْلِمَةِ وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ جَعَلَ الْأَقْرَاءَ الْحَيْضَ غَيْرَ الحسن ابن صَالِحٍ وَقَالَ أَصْحَابُنَا الذِّمِّيَّةُ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا فَهِيَ فِي مَعْنَى مَنْ اغْتَسَلَتْ فَلَا تَنْتَظِرُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ شَيْئًا آخَرَ وَقَالَ ابْنُ شبرمة إذا انقطع من الحيضة الثالثة بطلت الرَّجْعَةُ وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْغُسْلُ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ فَإِذَا طَعَنَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَانَتْ وَانْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ حَصَلَ مِنْ اتِّفَاقِ السَّلَفِ وُقُوعُ اسْمِ الْأَقْرَاءِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ مِنْ الْحَيْضِ وَمِنْ الْأَطْهَارِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّفْظَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَمِلًا لَهُمَا لَمَا تَأَوَّلَهُ السَّلَفُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمْ أَهْلُ اللُّغَةِ وَالْمَعْرِفَةِ بِمَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَمَا يَتَصَرَّفُ عَلَيْهِ الْمَعَانِي مِنْ الْعِبَارَاتِ فَلَمَّا تَأَوَّلَهَا فَرِيقٌ عَلَى الْحَيْضِ وَآخَرُونَ عَلَى الْأَطْهَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute