للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدِ إنَّهُ قَالَ فَحَضَرْت هَذَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي قِصَّةَ الْعَجْلَانِيِّ فَمَضَتْ السُّنَّةُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا فَأَخْبَرَ سَهْلٌ وَهُوَ رَاوِي هَذِهِ الْقِصَّة أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ بِالتَّفْرِيقِ وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ الزَّوْجُ

وَفِي حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا

قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَهِلَالٌ لَمْ يُطَلِّقْ امْرَأَتَهُ فَثَبَتَ أَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ اللِّعَانِ وَاجِبٌ وَأَيْضًا

فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ فِي قِصَّةِ الْعَجْلَانِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ طَلَّقَهَا هُوَ ثَلَاثًا فَأَنْفَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ لَا سَبِيلَ لَك عليها

. بَابُ نِكَاحِ الْمُلَاعِنِ لِلْمُلَاعَنَةِ

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إذَا أَكْذَبَ الْمُلَاعِنُ نَفْسَهُ وَجُلِدَ الْحَدَّ أَوْ جُلِدَ حَدَّ الْقَذْفِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وصارت المرأة بحال لا يجب بينهما وَبَيْنَ زَوْجِهَا إذَا قَذَفَهَا لِعَانٌ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَإِبْرَاهِيمِ وَالشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَهَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ ماداما عَلَى حَالِ التَّلَاعُنِ وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ فُرْقَةَ اللِّعَانِ لَا تُبِينُهَا مِنْهُ وَأَنَّهُ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ فِي الْعِدَّةِ رُدَّتْ إلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ وَقَدْ مَضَتْ السُّنَّةُ بِبُطْلَانِهِ حِين فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَالْفُرْقَةُ لَا تَكُونُ إلَّا مَعَ الْبَيْنُونَةِ وَيُحْتَجُّ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِعُمُومِ الْآيِ الْمُبِيحَةِ لِعُقُودِ الْمُنَاكَحَاتِ نَحْوُ قَوْلِهِ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ وَقَوْلُهُ فَانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ وقوله وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذِهِ الْفُرْقَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَكُلُّ فُرْقَةٍ تَعَلَّقَتْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَإِنَّهَا لَا تُوجِبُ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ سَائِرَ الْفُرَقِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لَا يُوجِبُ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا مِثْلَ فُرْقَةِ الْعِنِّينِ وَخِيَارِ الصَّغِيرَيْنِ وَفُرْقَةِ الْإِيلَاءِ عِنْدَ مُخَالِفِنَا وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْفُرَقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فِي الْأُصُولِ هَذِهِ سَبِيلُهَا فَإِنْ قِيلَ سَائِرُ الْفُرَقِ الَّتِي ذَكَرْت لَا يَمْنَعُ التَّزْوِيجَ فِي الْحَالِ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَهَذِهِ الْفُرْقَةُ تَحْظُرُ تَزْوِيجَهَا فِي الْحَالِ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَكَمَا جَازَ أَنْ يُفَارِقَ سَائِرَ الْفُرَقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ جَازَ أَنْ يُخَالِفَهَا فِي إيجَابِهَا التَّحْرِيمَ مُؤَبَّدًا قِيلَ لَهُ مِنْ الْفُرَقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ مَا يَمْنَعُ التَّزْوِيجَ فِي الْحَالِ وَلَا تُوجِبُ مَعَ ذَلِكَ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا مِثْلُ فُرْقَةِ الْعِنِّينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>