للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل على أنه يجب تنزيهها من العقود فِيهَا لِأُمُورِ الدُّنْيَا مِثْلُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَعَمَلِ الصِّنَاعَاتِ وَلَغْوِ الْحَدِيثِ الَّذِي لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَالسَّفَهِ وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ

وَقَدْ وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَشِرَاكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَجَمِّرُوهَا فِي جُمَعِكُمْ وَضَعُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ

وقَوْله تَعَالَى يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ يُصَلَّى لَهُ فِيهَا بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُلُّ تَسْبِيحٍ فِي الْقُرْآنِ صَلَاةٌ

وقَوْله تَعَالَى رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَاَللَّهِ لقد كَانُوا يَتَبَايَعُونَ فِي الْأَسْوَاقِ فَإِذَا حَضَرَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ بَدَءُوا بِحَقِّ اللَّهِ حَتَّى يَقْضُوهُ ثُمَّ عَادُوا إلَى تِجَارَتِهِمْ وَعَنْ عَطَاءٍ قَالَ شُهُودُ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ قَالَ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَرَأَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَقْوَامًا يَتَّجِرُونَ فَلَمَّا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ قَامُوا إلَيْهَا قَالَ هَذَا مِنْ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ

وقَوْله تَعَالَى أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فإن التسبيح هو التنزيه لله تعالى عمالا يَجُوزُ عَلَيْهِ مِنْ الصِّفَاتِ فَجَمِيعُ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ مُنَزَّهٌ لَهُ مِنْ جِهَةِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَالْعُقَلَاءُ الْمُطِيعُونَ يُنَزِّهُونَهُ مِنْ جِهَةِ الِاعْتِقَادِ وَالْوَصْفِ لَهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وقَوْله تَعَالَى كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ يَعْنِي صَلَاةَ مَنْ يُصَلِّي مِنْهُمْ فَاَللَّهُ يَعْلَمُهَا وَقَالَ مُجَاهِدٌ الصَّلَاةُ لِلْإِنْسَانِ وَالتَّسْبِيحُ لِكُلِّ شَيْءٍ

وقَوْله تَعَالَى وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ قِيلَ إنَّ مِنْ الْأُولَى لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِنْزَالِ مِنْ السَّمَاءِ وَالثَّانِيَةِ لِلتَّبْعِيضِ لِأَنَّ الْبَرَدَ بَعْضُ الْجِبَالِ الَّتِي فِي السَّمَاءِ وَالثَّالِثَةِ لِتَبْيِينِ الْجِنْسِ إذْ كَانَ جِنْسُ تِلْكَ الْجِبَالِ جِنْسَ الْبَرَدِ

وقَوْله تَعَالَى وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ قِيلَ إنَّ أَصْلَ الْخَلْقِ مِنْ مَاءٍ ثُمَّ قُلِبَ إلَى النَّارِ فَخُلِقَ مِنْهُ الْجِنُّ ثُمَّ إلَى الرِّيحِ فَخُلِقَتْ الْمَلَائِكَةُ مِنْهَا ثُمَّ إلَى الطِّينِ فَخُلِقَ آدَم مِنْهُ وَذَكَرَ الَّذِي يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَاَلَّذِي يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَمْشِي عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لِأَنَّهُ كَاَلَّذِي يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ فَتَرَكَ ذِكْرَهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ تَكْفِي بِذِكْرِ الْأَرْبَعِ.

بَابُ لُزُومِ الْإِجَابَةِ لِمَنْ دُعِيَ إلَى الْحَاكِمِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى غيره حقا ودعاء إلَى الْحَاكِمِ فَعَلَيْهِ إجَابَتُهُ وَالْمَصِيرُ مَعَهُ إلَيْهِ لأن قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>