للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مِنْ زَوْجَتِهِ شَيْئًا فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ قَوْله تَعَالَى إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ عَلَى مَنْ يَمْلِكُهَا فِي الْحَقِيقَةِ وَهِيَ الْمَسْبِيَّةُ قوله تعالى كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ رُوِيَ عَنْ عَبِيدَةُ قَالَ أَرْبَعٌ وَإِنَّمَا نَصَبَ كِتَابَ اللَّهِ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ مَعْنَى كِتَابَ الله عليكم أَيْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذَلِكَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ حَرَّمَ ذَلِكَ كِتَابًا مِنْ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَهَذَا تَأْكِيدٌ لِوُجُوبِهِ وَإِخْبَارٌ مِنْهُ لَنَا بِفَرْضِهِ لِأَنَّ الْكِتَابَ هُوَ الْفَرْضُ قَوْله تَعَالَى وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ روى عن عبيدة السلماني والسدى أحل مَا دُونَ الْخَمْسِ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ عَلَى وَجْهِ النِّكَاحِ وَقَالَ عَطَاءٌ أُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ مِنْ أَقَارِبِكُمْ وَقَالَ قَتَادَةُ ما وَراءَ ذلِكُمْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَقِيلَ مَا وَرَاءِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَمَا وَرَاءِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ نِكَاحًا أَوْ مِلْكَ يَمِينٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ عَامٌّ فِيمَا عَدَا الْمُحَرَّمَاتِ فِي الْآيَةِ وَفِي سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم

بَابُ الْمُهُورِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ فعقد الإباحة بشريطة إيجاب بدل البضع وهو مال فدل عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ بَدَلَ الْبُضْعِ وَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ تَسْلِيمُ مَالٍ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ مَا يُسَمَّى أَمْوَالًا وذلك لأن هذا خطاب لكل واحد فِي إبَاحَةِ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ أَنْ يَبْتَغِيَ الْبُضْعَ بِمَا يُسَمَّى أَمْوَالًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ

خِطَابٌ لِكُلِّ أَحَدٍ فِي تَحْرِيمِ أُمَّهَاتِهِ وَبَنَاتِهِ عَلَيْهِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ الشَّيْءَ التَّافِهَ الَّذِي لَا يُسَمَّى أَمْوَالًا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِقْدَارِ الْمَهْرِ

فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا مَهْرَ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ

وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ فِي آخَرِينَ مِنْ التَّابِعِينَ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ يَجُوزُ النِّكَاحُ عَلَى قَلِيلِ الْمَهْرِ وَكَثِيرِهِ وَتَزَوَّجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثٌ وَقَالَ آخَرُونَ النَّوَاةُ عَشَرَةٌ أَوْ خَمْسَةٌ وَقَالَ مَالِكٌ أَقَلُّ الْمَهْرِ رُبْعُ دِينَارٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَاللَّيْثُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ ابن صَالِحٍ وَالشَّافِعِيُّ يَجُوزُ بِقَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ وَلَوْ دِرْهَمٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَوْله تَعَالَى وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا لَا يُسَمَّى أَمْوَالًا لَا يَكُونُ مَهْرًا وَأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يُسَمَّى أَمْوَالًا هَذَا مُقْتَضَى الْآيَةِ وَظَاهِرُهَا وَمَنْ كَانَ لَهُ دِرْهَمٌ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>