إلَى الْمَدِينَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ كَانُوا أَحْوَجَ إلَيْهَا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَرَوَى عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ أَنَّهُ نَقَلَ صَدَقَةَ طَيِّئٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِلَادُهُمْ بالبعد من المدينة ونقل أيضا عدى ابن حَاتِمٍ وَالزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ صَدَقَاتِ قَوْمِهِمَا إلَى أبى بكر الصديق رضى الله عنه مِنْ بِلَادِ طَيِّئٍ وَبِلَادِ بَنِي تَمِيمٍ فَاسْتَعَانَ بِهَا عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَإِنَّمَا كَرِهُوا نَقْلَهَا إلَى بَلَدِ غَيْرِهِ إذَا تَسَاوَى أَهْلُ الْبَلَدَيْنِ فِي الْحَاجَةِ لِمَا
رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ حَقًّا فِي أَمْوَالِهِمْ يُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَيُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ
وَذَلِكَ يَقْتَضِي رَدَّهَا فِي فُقَرَاءِ الْمَأْخُوذِينَ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نَقْلُهَا إلَى ذِي قَرَابَتِهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ لِمَا
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ وَحَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَدَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى قَرَابَتِهِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الصَّدَقَةَ عَلَى ذِي الْقَرَابَةِ تُضَاعَفُ مَرَّتَيْنِ
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حديث زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ حِينَ سَأَلَتْهُ عَنْ صَدَقَتِهَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَيْتَامِ بَنِي أَخٍ لَهَا فِي حِجْرِهَا فَقَالَ لَك أَجْرَانِ أَجْرُ الصَّدَقَةِ وَأَجْرُ الْقَرَابَةِ
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا على بن الحسين ابن يَزِيدَ الصُّدَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أيوب ابن بَشِيرٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ
فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ أن الصدقة على ذي الرحم المحرم وَإِنْ بَعُدَتْ دَارُهُ أَفْضَلُ مِنْهَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَلِذَلِكَ قَالَ يَجُوزُ نَقْلُهَا إلَى بَلَدٍ آخَرَ إذَا أَعْطَاهَا ذَا قَرَابَتِهِ وَإِنَّمَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ إنَّهُ يُؤَدِّيهَا عَنْ نَفْسِهِ حَيْثُ هُوَ وَعَنْ رَفِيقِهِ وَوَلَدِهِ حَيْثُ هُمْ لِأَنَّهَا مُؤَدَّاةٌ عَنْهُمْ فَكَمَا تُؤَدَّى زَكَاةُ الْمَالِ حَيْثُ الْمَالُ كَذَلِكَ تُؤَدَّى صَدَقَةُ الْفِطْرِ حَيْثُ المؤدى عنه.
فِيمَا يُعْطَى مِسْكِينٌ وَاحِدٌ مِنْ الزَّكَاةِ
كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَكْرَهُ أَنْ يُعْطَى إنْسَانٌ مِنْ الزَّكَاةِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَإِنْ أَعْطَيْته أَجْزَاك وَلَا بَأْسَ بِأَنْ تُعْطِيَهُ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ قَالَ وَأَنْ يُغْنِيَ بِهَا إنْسَانًا أَحَبُّ إلَيَّ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رَجُلٍ لَهُ مِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِدِرْهَمَيْنِ أَنَّهُ يَقْبَلُ وَاحِدًا