للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَالْكَلْبُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَلَيْسَ هُوَ مُحَرَّمَ الْعَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابُ تَحْرِيمِ الِانْتِفَاعِ بِدُهْنِ الْمَيْتَةِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ] وَقَالَ [قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً] وَهَذَانِ الظَّاهِرَانِ يَحْظُرَانِ دُهْنَ الْمَيْتَةِ كَمَا أَوْجَبَا حَظْرَ لَحْمِهَا وَسَائِرِ أَجْزَائِهَا

وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ أَتَاهُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ الَّذِينَ يَجْمَعُونَ الْأَوْدَاكَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَجْمَعُ هَذِهِ الْأَوْدَاكَ وَهِيَ مِنْ الْمَيْتَةِ وَعَكْرِهَا وَإِنَّمَا هِيَ لِلْأُدُمِ وَالسُّفُنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا)

فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ تَحْرِيمَ اللَّهِ تَعَالَى إيَّاهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ قَدْ أَوْجَبَ تَحْرِيمَ بَيْعِهَا كَمَا أَوْجَبَ تَحْرِيمَ أَكْلِهَا وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ يَدْهُنُ بِشُحُومِ الْمَيْتَةِ ظُهُورَ السُّفُنِ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ وَقَدْ وَرَدَ الْأَثَرُ بِتَحْرِيمِهِ وَاقْتَضَى ظَاهِرُ الْآيَةِ حَظْرَهُ.

بَابُ الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ] وقوله تعالى [حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ] لَمْ يَقْتَضِ تَحْرِيمَ مَا مَاتَتْ فِيهِ مِنْ الْمَائِعَاتِ وَإِنَّمَا اقْتَضَى تَحْرِيمَ عَيْنِ الْمَيْتَةِ وَمَا جَاوَرَ الْمَيْتَةَ فَلَا يُسَمَّى مَيْتَةً فَلَمْ يَنْتَظِمْهُ لَفْظُ التَّحْرِيمِ وَلَكِنَّهُ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَا

روى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ فَقَالَ صلّى الله عليه وسلم إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ

وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْقُوهَا وَمَا حولها ثم كلوه

وروى عبد الجبار ابن عُمَرَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي وَدَكٍ لَهُمْ فَقَالَ أَجَامِدٌ هُوَ قَالَ نَعَمْ قَالَ اطْرَحُوهَا وَاطْرَحُوا مَا حَوْلَهَا وَكُلُوا وَدَكَكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ مَائِعٌ قَالَ فَانْتَفِعُوا بِهِ وَلَا تَأْكُلُوهُ

فَأَطْلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جواز الانتفاع به من غير جهة الأكل وَهَذَا يَقْتَضِي جَوَازَ

<<  <  ج: ص:  >  >>