سُورَةِ طَه
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْله تعالى الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى قَالَ الْحَسَنُ اسْتَوَى بِلُطْفِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَقِيلَ اسْتَوْلَى
وقوله تعالى فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ السِّرُّ مَا حَدَّثَ بِهِ الْعَبْدُ غَيْرَهُ فِي خَفَى وَأَخْفَى مِنْهُ مَا أَضْمَرَهُ فِي نَفْسِهِ مِمَّا لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ غَيْرَهُ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ السِّرُّ مَا أَضْمَرَهُ الْعَبْدُ فِي نَفْسِهِ وَأَخْفَى مِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ وَلَا أَضْمَرَهُ أَحَدٌ
قَوْله تعالى فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ قَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ جُرَيْجٍ أَمَرَهُ بِخَلْعِ نَعْلَيْهِ لِيُبَاشِرَ بِقَدَمِهِ بَرَكَةَ الْوَادِي الْمُقَدَّسِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَقِيبَ ذَلِكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً فتقديره اخلع نعليك لأنك بالواد الْمُقَدَّسِ وَقَالَ كَعْبٌ وَعِكْرِمَةُ كَانَتْ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ فَلِذَلِكَ أُمِرَ بِخَلْعِهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ فِي النَّعْلِ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ إنْ كَانَ هُوَ الْأَوَّلُ فَالْمَعْنِيُّ فِيهِ مُبَاشَرَةُ الْوَادِي بِقَدَمِهِ تَبَرُّكًا بِهِ كَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَتَقْبِيلِهِ تَبَرُّكًا بِهِ فَيَكُونُ الْأَمْرُ بِخَلْعِ النَّعْلِ مَقْصُورًا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فِي ذَلِكَ الْوَادِي الْمُقَدَّسِ بِعَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ التَّأْوِيلُ هُوَ الثَّانِي فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَدْ كَانَ مَحْظُورًا لُبْسُ جِلْدِ الْحِمَارِ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ مَدْبُوغًا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مَنْسُوخٌ لِأَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ
وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَعْلَيْهِ ثُمَّ خَلَعَهُمَا فِي الصَّلَاةِ فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ مَا لَكُمْ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ قَالُوا خَلَعْت فَخَلَعْنَا قَالَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهَا قَذَرًا
فَلَمْ يكره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي النَّعْلِ وَأَنْكَرَ عَلَى الْخَالِعِينَ خَلْعَهَا وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ إنَّمَا خَلَعَهَا لِأَنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَهُ أَنَّ فِيهَا قَذَرًا وَهَذَا عِنْدَنَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ نَجَاسَةً يَسِيرَةً لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَثِيرَةً لَاسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ
قوله تعالى وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ لِتَذْكُرَنِي فِيهَا بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّعْظِيمِ وَقِيلَ فِيهِ لَأَنْ أَذْكُرَكَ بِالثَّنَاءِ وَالْمَدْحِ
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَصَلَّاهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشمس وقال إن الله يقول أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي
وَرَوَى هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا لا كفارة لها إلا ذلك وتلا أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي
وهذا يدل على أن قوله أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي قَدْ أُرِيدَ بِهِ فِعْلُ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ وَكَوْنُ ذلك مرادا بالآية «٤- أحكام مس»