لَاعَنَ وَلَمْ يَنْتَفِ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ إذْ لَمْ تَكُنْ صِحَّةُ اللِّعَانِ مُتَعَلِّقَةً بِنَفْيِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ إكْذَابٌ لِنَفْسِهِ بَعْدَ النَّفْيِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُجْلَدَ وَأَيْضًا قَوْله تَعَالَى وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ الْآيَةُ فَأَوْجَبَ اللِّعَانَ بِعُمُومِ الْآيَةِ عَلَى سَائِرِ الْأَزْوَاجِ فَلَا يُخَصُّ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا بِدَلِيلٍ وَلَمْ تَقُمْ الدَّلَالَةُ فِيمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ وَسُقُوطِ اللِّعَانِ.
بَابُ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ يَقْذِفُهَا
قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَذَفَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَكَذَلِكَ إنْ وَلَدَتْ وَلَدًا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَنَفَى وَلَدَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ إذا بانت منه ثم أنكر حملها لا عنها إنْ كَانَ حَمْلُهَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ وَإِنْ قَذَفَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَهِيَ حَامِلٌ مُقِرٌّ بِحَمْلِهَا ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي قَبْلَ أَنْ يُقَاذِفَهَا حُدَّ وَلَمْ يُلَاعِنْ وَإِنْ أنكر حملها بعد أن يطلقها ثلاثا لا عنها وَقَالَ اللَّيْثُ إذَا أَنْكَرَ حَمْلَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لا عن وَلَوْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا بَعْدَ أَنْ بَانَتْ مِنْهُ وَذَكَرَ أَنَّهُ رَأَى عَلَيْهَا رَجُلًا قَبْلَ فِرَاقِهِ إيَّاهَا جُلِدَ الْحَدَّ وَلَمْ يُلَاعِنْ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ حَمْلًا فِي عِدَّتِهَا وأنكر الذي يعتد منه لا عنها وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ عِدَّةٍ جُلِدَ وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَقَالَ الشَّافِعِيّ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ مَغْلُوبَةٌ عَلَى عَقْلِهَا فَنَفَى زَوْجُهَا وَلَدَهَا الْتَعَنَ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَانْتَفَى الْوَلَدُ وَإِنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ اللِّعَانِ فَطَالَبَ أَبُوهَا وَأُمُّهَا زَوْجَهَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَلْتَعِنَ وَإِنْ مَاتَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا حُدَّ وَلَا لِعَانَ إلَّا أَنْ يَنْفِيَ بِهِ وَلَدًا أَوْ حَمْلًا فَيَلْتَعِنَ وَرَوَى قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ يَقْذِفُهَا قَالَ يُحَدُّ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ يُلَاعِنُ وَرَوَى الشَّيْبَانِيُّ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ إنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا فَادَّعَتْ حَمْلًا فَانْتَفَى مِنْهُ يُلَاعِنُهَا إنَّمَا فَرَّ مِنْ اللِّعَانِ وَرَوَى أَشْعَثُ عَنْ الْحَسَنِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْفِرَارَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا جُلِدَ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَعَطَاءٌ والزهري إذا قذفها بعد ما بَانَتْ مِنْهُ جُلِدَ الْحَدَّ قَالَ عَطَاءٌ وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَكَانَ ذَلِكَ حُكْمًا عَامًّا فِي قَاذِفِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَجْنَبِيَّاتِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ ثُمَّ نُسِخَ مِنْهُ قَاذِفُ الزَّوْجَاتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَالْبَائِنَةُ لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ فَعَلَى الَّذِي كَانَ زَوْجُهَا الْحَدُّ إذَا قَذَفَهَا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ وَمَنْ أَوْجَبَ اللِّعَانَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَارْتِفَاعِ الزَّوْجِيَّةِ فَقَدْ نَسَخَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ مَا لَمْ يَرِدْ تَوْقِيفٌ بِنَسْخِهِ وَغَيْرُ جَائِزٍ نَسْخُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute