وَاسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ لَهُ وَتَلَقِّيهمْ إيَّاهُ بِالْقَبُولِ وَهَذَا عِنْدَنَا فِي حَيِّزِ الْمُتَوَاتِرِ الْمُوجِبِ لِلْعِلْمِ وَالنَّافِي لِلرَّيْبِ وَالشَّكِّ
وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ إلَّا أَنْ تُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ
يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا إذَا أَجَازَتْهَا فَهِيَ جَائِزَةٌ وَتَكُونُ وَصِيَّةً مِنْ قِبَلِ الْمُوصِي لَا تَكُونُ هِبَةً مِنْ قِبَلِ الْوَارِثِ لِأَنَّ الْهِبَةَ مِنْ قِبَلِ الْوَارِثِ لَيْسَتْ بِإِجَازَةٍ مِنْ قِبَلِ الْمَوْرُوثِ
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ تَشَاءَ الْوَرَثَةُ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ أَوْصَى بأكثر من الثلث فَأَجَازَهُ الْبَاقُونَ فِي حَيَاتِهِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ والحسن ابن صَالِحٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيُّ لَا يجوز ذلك حتى يجيزها بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهِيَ جَائِزَةٌ عَلَيْهِمْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عن مالك إذا استأذنهم فكل وارث بائن عن الميت مثل الولد الذي قد بان عَنْ أَبِيهِ وَالْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ الَّذِينَ لَيْسُوا فِي عِيَالِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فَأَمَّا امْرَأَتُهُ وَبَنَاتُهُ اللَّاتِي لَمْ يَبِنَّ وَكُلُّ مَنْ فِي عِيَالِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ احْتَلَمَ فَلَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا وَكَذَلِكَ الْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ وَمَنْ خَافَ مِنْهُمْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَجُزْ لَحِقَهُ ضَرَرٌ مِنْهُ فِي قَطْعِ النَّفَقَةِ إنْ صَحَّ فَلَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا وَقَوْلُ اللَّيْثِ فِي هَذَا كَقَوْلِ مَالِكٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَإِنْ أَجَازُوهَا بَعْدَ الْمَوْتِ جَازَتْ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فَسْخُهَا فِي الْحَيَاةِ كَذَلِكَ لَا تَعْمَلُ إجَازَتُهُمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَحِقُّوا بَعْدُ شَيْئًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ الْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَأَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ جَازَ وَهُوَ قَوْلُ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ مَالِكٌ والأوزاعى والحسن ابن صَالِحٍ لَا تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ بَيَّنَّا دَلَالَةَ قَوْله تعالى وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِالْحِلْفِ وَهُوَ أَنْ يُحَالِفَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ وَرِثَهُ مَا يُسَمِّي لَهُ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ أَكْثَرَ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا ثَابِتًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَفَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وقوله تعالى «٣- أحكام لث»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute