للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُشْرِكَة هُوَ وَاجِده إلَى الْحُرَّة الْمُسْلِمَة إذْ لَا فَرْقَ بَيْنهمَا فِي الْعَادَةِ فِي الْمُهُور فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا يَصِحّ التَّرْغِيبُ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ الْمُؤْمِنَة وَتَرْكِ الْحُرَّة الْمُشْرِكَةِ إلَّا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى تَزْوِيجِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فَتَضَمَّنَتْ الْآيَةُ جَوَازَ نِكَاحِ الْأَمَةِ مَعَ وُجُودِ الطَّوْلِ إلَى الْحُرَّةِ وَيَدُلُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ عَامٌّ فِي وَاجِدِ الطول او غير وَاجِدِهِ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ مِنْهُمْ ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ بقوله وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ فَأَبَاحَ نِكَاحَهَا لِمَنْ حُظِرَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْمُشْرِكَةِ فَكَانَ عُمُومًا فِي الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ مُوجِبًا لِجَوَازِ نكاح الأمة للفريقين.

[باب الحيض]

قوله تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَالْمَحِيضُ قَدْ يَكُونُ اسْمًا لِلْحَيْضِ نَفْسِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِهِ مَوْضِعُ الْحَيْضِ كَالْمَقِيلِ وَالْمَبِيتِ هُوَ مَوْضِعُ الْقَيْلُولَةِ وَمَوْضِعُ الْبَيْتُوتَةِ وَلَكِنْ فِي فَحْوَى اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحِيضِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ الْحَيْضُ لِأَنَّ الجواب ورد بقوله هو أذى وذلك صفة لنفس الحيض لا الموضع الَّذِي فِيهِ وَكَانَتْ مَسْأَلَةُ الْقَوْمِ عَنْ حُكْمِهِ وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ قَوْمٌ مِنْ الْيَهُودِ يُجَاوِرُونَهُمْ بِالْمَدِينَةِ وَكَانُوا يجتنبون مؤاكلة النساء ومشاربتهن ومجالسهن فِي حَالِ الْحَيْضِ فَأَرَادُوا أَنْ يَعْلَمُوا حُكْمَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَأَجَابَهُمْ اللَّهُ بِقَوْلِهِ هَذَا هُوَ أذى يَعْنِي أَنَّهُ نَجَسٌ وَقَذَرٌ وَوَصْفُهُ لَهُ بِذَلِكَ قَدْ أَفَادَ لُزُومَ اجْتِنَابِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَالِمِينَ قَبْلَ ذَلِكَ بِلُزُومِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ فَأَطْلَقَ فِيهِ لفظا علقوا مِنْهُ الْأَمْرَ بِتَجَنُّبِهِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَى اسْمٌ يَقَعُ عَلَى النَّجَاسَاتِ

قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إذَا أَصَابَ نَعْلَ أَحَدِكُمْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهَا بِالْأَرْضِ وَلْيُصَلِّ فِيهَا فَإِنَّهُ لَهَا طَهُورٌ)

فَسَمَّى النَّجَاسَةَ أَذًى وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ قُلْ هُوَ أَذىً الْإِخْبَارَ عَنْ حَالِهِ فِي تَأَذِّي الْإِنْسَانِ بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ عَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ الْإِخْبَارَ بِنَجَاسَتِهِ وَلُزُومِ اجْتِنَابِهِ وَلَيْسَ كُلُّ أَذًى نَجَاسَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ وَالْمَطَرُ لَيْسَ بِنَجَسٍ وَقَالَ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنَّمَا كَانَ الْأَذَى الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ عِبَارَةً عَنْ النَّجَاسَةِ وَمُفِيدًا لِكَوْنِهِ قَذَرًا يَجِبُ اجْتِنَابُهُ لِدَلَالَةِ الْخِطَابِ عَلَيْهِ وَمُقْتَضَى سُؤَالِ السَّائِلِينَ عَنْهُ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَلْزَمُ اجْتِنَابُهُ مِنْ الْحَائِضِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْهَا بِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>