كَمَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَخْبَارِ.
ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي اجْتِمَاعُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ
فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ لَا يَجْتَمِعَانِ وَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَشَرِيكٌ وَالشَّافِعِيُّ إذَا كَانَتْ أَرْضُ خَرَاجٍ فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ فِي الْخَارِجِ وَالْخَرَاجُ فِي الْأَرْضِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا فَتَحَ السَّوَادَ وَضَعَ عَلَى الْأَرْضِ الْخَرَاجَ وَلَمْ يَأْخُذْ الْعُشْرَ مِنْ الْخَارِجِ وَذَلِكَ بمشاورة الصحابة وبموافقتهم إيَّاهُ عَلَيْهِ فَصَارَ ذَلِكَ إجْمَاعًا مِنْ السَّلَفِ وَعَلَيْهِ مَضَى الْخَلَفُ وَلَوْ جَازَ اجْتِمَاعُهُمَا لَجَمَعَهُمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ
قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّاضِحِ نِصْفُ الْعُشْرِ
وَذَلِكَ إخْبَارٌ بِجَمِيعِ الْوَاجِبِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَوْ وَجَبَ الْخَرَاجُ مَعَهُ لَكَانَ ذَلِكَ بَعْضَ الْوَاجِبِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ قَدْ يَكُونُ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ وَقَدْ يَكُونُ قَفِيزًا وَدِرْهَمًا وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عليه وآله وسلم قدر الْعُشْرَ إلَى النِّصْفِ لِأَجْلِ الْمُؤْنَةِ الَّتِي لَزِمَتْ صَاحِبَهَا فَلَوْ لَزِمَ الْخَرَاجُ فِي الْأَرْضِ لَزِمَ سُقُوطُ نِصْفِ الْعُشْرِ الْبَاقِي لِلُزُومِ مُؤْنَةِ الْخَرَاجِ وَلَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَخْتَلِفَ حُكْمُ مَا تَغْلُظُ فيه المؤنة وما تخلف فِيهِ كَمَا خَالَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بَيْنَ مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ وَبَيْنَ مَا سُقِيَ بِالنَّاضِحِ لِأَجْلِ الْمُؤْنَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ
حَدِيثُ سهيل بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ مَنَعَتْ الْعِرَاقُ قَفِيزَهَا وَدِرْهَمَهَا
وَمَعْنَاهُ سَتَمْنَعُ وَلَوْ كَانَ الْعُشْرُ وَاجِبًا لَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ الْخَرَاجُ مَمْنُوعًا مِنْهُ وَالْعُشْرُ غَيْرَ مَمْنُوعٍ لِأَنَّ مَنْ مَنَعَ الْخَرَاجَ كَانَ لِلْعُشْرِ أَمْنَعَ وَفِي تَرْكِهِ ذِكْرَ الْعُشْرِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَا عُشْرَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ وَرُوِيَ أَنَّ دِهْقَانَةَ نَهْرِ الْمُلْكِ أَسْلَمَتْ فَكَتَبَ عُمَرُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا الْخَرَاجُ إنْ اخْتَارَتْ أَرْضَهَا وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّ رَفِيلًا أَسْلَمَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ إنْ أَقَمْت عَلَى أَرْضِك أَخَذْنَا مِنْك الْخَرَاجَ ولو كان العشر واجبا مع ذلك لا خبرا بِوُجُوبِهِ وَلَمْ يُخَالِفْهُمَا فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ حَقَّيْنِ للَّه تَعَالَى لَمْ يَجُزْ اجْتِمَاعُهُمَا عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى امْتِنَاعِ وُجُوبِ زَكَاةِ السَّائِمَةِ وَزَكَاةِ التِّجَارَةِ فَإِنْ قيل إن الخراج كَذَلِكَ يَجُوزُ اجْتِمَاعُ الْخَرَاجِ وَالْعُشْرِ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَرْضَ الْخَرَاجِ مُبْقَاةٌ عَلَى حُكْمِ الْفَيْءِ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لِزَارِعِهَا الِانْتِفَاعُ بِهَا بِالْخَرَاجِ وَهُوَ أُجْرَةُ الْأَرْضِ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ وُجُوبَ الْعُشْرِ مَعَ الخراج قيل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute