للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ يَخْلُو قَوْله تَعَالَى وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ قَبْلَ حُكْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيمِ مَنْ حَرَّمَ الْجَمْعَ بَيْنَهُنَّ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ قَوْله تَعَالَى وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ بَعْدَ الْخَبَرِ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ مُرَتَّبٌ عَلَى تَحْرِيمِ مَنْ ذُكِرَ تَحْرِيمُهُنَّ مِنْهُنَّ لأن قوله ما وَراءَ ذلِكُمْ الْمُرَادُ بِهِ مَا وَرَاءَ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ تَحْرِيمِهِنَّ وَقَدْ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ جَمِيعُ ذَلِكَ مُبَاحًا فَعَلِمْنَا أَنَّ تَحْرِيمَ مَنْ ذُكِرَ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ بَيْنَهُنَّ فِي الْخَبَرِ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَإِذَا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ قَبْلَ الْآيَةِ لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا أَوْ بَعْدَهَا فَإِنْ كَانَ مَعَهَا فَلَمْ تَرُدَّ الْآيَةُ إلا خاصة فيما عَدَا مَا ذُكِرَ فِي الْخَبَرِ تَحْرِيمُ جَمْعِهِنَّ وَعَلِمْنَا

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ عَقِيبَ تِلَاوَةِ الْآيَةِ

وَبَيَّنَ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا فَلَمْ يَعْقِلْ السَّامِعُونَ لِلْآيَةِ حكما إلا خاصا على ما بينا وَإِنْ كَانَ حُكْمُ الْآيَةِ اسْتَقَرَّ عَلَى مُقْتَضَى عُمُومِ لَفْظِهَا ثُمَّ وَرَدَ الْخَبَرُ فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى وَجْهِ النَّسْخِ وَنَسْخُ الْقُرْآنِ جَائِزٌ بِمِثْلِهِ لِتَوَاتُرِهِ وَاسْتِفَاضَتِهِ وَكَوْنِهِ فِي حَيِّزِ الْأَخْبَارِ الْمُوجِبَةِ لِلْعِلْمِ وَالْعَمَلِ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا تَارِيخُ الْآيَةِ وَالْخَبَرُ مَعَ حُصُولِ الْيَقِينِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَنْسُوخٍ بِالْآيَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ قَبْلَهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا آنِفًا وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ مَعَ الْآيَةِ وَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ أَنْ يَكُونَ الْآيَةُ وَالْخَبَرُ وَرَدَا مَعًا لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَنَا عِلْمٌ بِتَارِيخِهِمَا وَغَيْرُ جَائِزٍ لَنَا الْحُكْمُ بِتَأَخُّرِهِ عَنْ الْآيَةِ وَنَسْخِ بَعْضِ أَحْكَامِ الْآيَةِ بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ اسْتِقْرَارِ حُكْمِ الْآيَةِ عَلَى عُمُومِهَا ثُمَّ وَرَدَ النَّسْخُ عَلَيْهَا بِالْخَبَرِ فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِوُرُودِهِمَا مَعًا وَلِأَنَّ الْآيَةَ وَالْخَبَرَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ تَارِيخُهُمَا وَجَبَ الْحُكْمُ بِهِمَا مَعًا كَالْغَرْقَى وَالْقَوْمِ الَّذِينَ يَقَعُ عَلَيْهِمْ الْبَيْتُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُ أَحَدِهِمْ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْآخَرِ حَكَمْنَا بِمَوْتِهِمْ جَمِيعًا مَعًا والله أعلم.

[باب نكاح ذوات الزوج]

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ عَطْفًا عَلَى مَنْ حُرِّمَ مِنْ النِّسَاءِ مِنْ عند قوله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ فَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ حَمَّادِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ قَالَ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ مِنْ المشركين

وقد روى عن سعيد ابن جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ إتْيَانُهَا زِنًا إلَّا مَا سُبِيَتْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ اتَّفَقَ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تعالى وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ مِنْهُنَّ وَأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>