للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّوَارُثِ بِالْحَلِفِ وَالْمُعَاقَدَةِ بِذَوِي الْأَرْحَامِ فَمَتَى لَمْ يترك وارثا عاد التوارث بالمعاقدة قوله عز وجل أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ قَالَ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ ضَاقَتْ صُدُورُهُمْ عَلَى أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ وَالْحَصْرُ الضِّيقُ وَمِنْهُ الْحَصْرُ فِي الْقِرَاءَةِ لِأَنَّهُ ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَذَاهِبُ فَلَمْ يَتَوَجَّهْ لَقِرَاءَتِهِ وَمِنْهُ الْمَحْصُورُ فِي حَبْسٍ أَوْ نَحْوِهِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ هِلَالُ بْنُ عُوَيْمِرٍ الْأَسْلَمِيُّ هُوَ الَّذِي حَصِرَ صَدْرُهُ أَنْ يُقَاتِلَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يُقَاتِلَ قَوْمَهُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِلْفٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ ظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ كَانُوا قَوْمًا مُشْرِكِينَ مخالفين لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَاقَتْ

صُدُورُهُمْ أَنْ يَكُونُوا مَعَ قَوْمِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْعَهْدِ وَأَنْ يُقَاتِلُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ ذَوِي أَرْحَامِهِمْ وَأَنْسَابِهِمْ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُسْلِمِينَ بِالْكَفِّ عَنْ هَؤُلَاءِ إذَا اعْتَزَلُوهُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوا الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا قَوْمًا مُسْلِمِينَ كَرِهُوا قِتَالَ قَوْمِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لِمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ مِنْ الرَّحِمِ وَظَاهِرُ الْآيَةِ وَمَا رُوِيَ فِي تَفْسِيرِهَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُقَاتِلُوا الْمُسْلِمِينَ قَطُّ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ قَعَدُوا عَنْ الْقِتَالِ مَعَهُمْ وَلَا كَانُوا قَطُّ مَأْمُورِينَ بِقِتَالِ أَمْثَالِهِمْ وقَوْله تَعَالَى وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ يَعْنِي إنْ قَاتَلْتُمُوهُمْ ظَالِمِينَ لَهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ وقَوْله تَعَالَى فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونُوا مُشْرِكِينَ إذْ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا قَوْمًا مُشْرِكِينَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِلْفٌ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُمْ إذَا اعْتَزَلُوا قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَأَنْ لَا يُكَلِّفَهُمْ قِتَالَ قَوْمِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ أَيْضًا وَالتَّسْلِيطُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ لَهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تَقْوِيَةُ قُلُوبِهِمْ لِيُقَاتِلُوكُمْ وَالثَّانِي إبَاحَةُ الْقِتَالِ لَهُمْ فِي الدَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ

قَوْله تَعَالَى سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ قَالَ مُجَاهِدٌ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ كَانُوا يَأْتُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسْلِمُونَ ثُمَّ يَرْجِعُونَ إلَى قُرَيْشٍ فَيَرْتَكِسُونَ في الأوثان يبتغون بذلك أن يأمنوا هاهنا وهاهنا فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا وَذَكَرَ أَسْبَاطٌ عَنْ السُّدِّيِّ قَالَ نَزَلَتْ فِي نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيِّ وَكَانَ يَأْمَنُ فِي الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ فَيَنْقُلُ الْحَدِيثَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُشْرِكِينَ فَقَالَ سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُظْهِرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>