وَأَخْبَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ إنْ تَمَنَّوْهُ مَاتُوا فَقَامَتْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ بِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا صَادِقِينَ فيما ادعوه مِنْ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ اللَّهِ لَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ لِأَنَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ مَعَ الْمَوْتِ خَيْرٌ مِنْ الْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا وَالثَّانِي أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَا يَتَمَنَّوْنَهُ فَوُجِدَ مَخْبَرُهُ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ فَهَذَا وَاضِحٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ
وقَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ الْآيَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَفْعَلُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ جَمَاعَةً صَلَوَاتٍ كَمَا يَفْعَلُ فِي سَائِرِ الْأَفْعَالِ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْآيَةِ أَنَّهَا هِيَ وَاتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الصَّلَاةُ الَّتِي إذَا فَعَلَهَا مَعَ الْإِمَامِ جُمُعَةً لَمْ يَلْزَمْهُ فِعْلُ الظُّهْرِ مَعَهَا وَهِيَ رَكْعَتَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى شَرَائِطِ الْجُمُعَة وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا النِّدَاءِ هُوَ الْأَذَانُ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْآيَةِ كَيْفِيَّتَهُ وَبَيَّنَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بن زائد الَّذِي رَأَى فِي الْمَنَامِ الْأَذَانَ وَرَآهُ عُمَرُ أَيْضًا كَمَا رَآهُ ابْنُ زَيْدٍ وَعَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا مَحْذُورَةَ وَذَكَرَ فِيهِ التَّرْجِيعَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عِنْدَ قَوْله تعالى وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَالْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَالَ إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَقَدْ نُودِيَ لِلصَّلَاةِ وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ السَّائِبِ بن زيد قَالَ مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ يُؤَذِّنُ إذَا قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ يُقِيمُ إذَا نَزَلَ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ كَذَلِكَ ثُمَّ عُمَرُ كَذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ وَفَشَا النَّاسُ وَكَثُرُوا زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ إنْكَارَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ روى وكيع قال حدثنا هشام بن الغار قَالَ سَأَلْت نَافِعًا عَنْ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَإِنْ رَآهُ النَّاسُ حَسَنًا وَرَوَى مَنْصُورٌ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَاَلَّذِي قَبْلُ محدث وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال إنما كان أذان يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيمَا مَضَى وَاحِدًا ثُمَّ الْإِقَامَةُ وَأَمَّا الْأَذَانُ الْأَوَّلُ الَّذِي يُؤَذَّنُ بِهِ الْآنَ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَجُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَهُوَ بَاطِلٌ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ الْحَجَّاجُ وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَإِنَّهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا أَذَانًا وَاحِدًا إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَإِذَا نَزَلَ أَقَامَ عَلَى مَا كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَمَّا وَقْتُ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ بَعْدَ الزَّوَالِ
وَرَوَى أَنَسٌ وَجَابِرٌ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ
وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابُهُ الْجُمُعَةَ ضُحًى ثُمَّ قَالَ إنَّمَا فَعَلْت ذَلِكَ مَخَافَةَ الحر عليكم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute