السَّلَفِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ الْآيَةَ مَا يُوجِبُ نَسْخَ قَوْله تَعَالَى فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَقْصُورَةُ الْحُكْمِ عَلَى حَالٍ مَذْكُورَةٍ فِيهَا فَإِنَّمَا حُظِرَ الْخَلْعُ إذَا كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهِ وَأَرَادَ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ غَيْرَهَا وَأَبَاحَهُ إذَا خَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ بِأَنْ تَكُونَ مُبْغِضَةً لَهُ أَوْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ أَوْ كَانَ هُوَ سَيِّئُ الْخُلُقِ وَلَا يَقْصِدُ مَعَ ذَلِكَ الْإِضْرَارَ بِهَا لَكِنَّهُمَا يَخَافَانِ أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ الله في حسن العشرة وتوفية ما لزمهما اللَّهُ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَهَذِهِ الْحَالُ غَيْرُ تِلْكَ فَلَيْسَ فِي إحْدَاهُمَا مَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى الْأُخْرَى وَلَا يُوجِبُ نَسْخَهَا وَلَا تَخْصِيصَهَا أَيْضًا إذْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مُسْتَعْمَلَةٌ فِيمَا وَرَدَتْ فِيهِ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إذَا كَانَ خِطَابًا لِلْأَزْوَاجِ فَإِنَّمَا حُظِرَ عَلَيْهِمْ أَخْذُ شَيْءِ مِنْ مَالِهَا إذَا كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهِ قَاصِدًا لِلْإِضْرَارِ بِهَا إلَّا أَنْ يأتى بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَأَبُو قِلَابَةَ يَعْنِي أَنْ يَظْهَرَ مِنْهَا عَلَى زِنًا وَرُوِيَ عن عطاء والزهري وعمر وابن شُعَيْبٍ أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَحِلُّ إلَّا مِنْ النَّاشِزِ فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ نسخ وجميعها مستعمل والله أعلم.
ذِكْرُ اخْتِلَافِ السَّلَفِ وَسَائِرِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِيمَا يحل أخذه بالخلع
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا
وهو قول سعيد ابن الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ وَطَاوُسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يَخْلَعَهَا عَلَى أَكْثَرِ مِمَّا أَعْطَاهَا وَلَوْ بِعِقَاصِهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إذَا كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مَا أَعْطَاهَا وَلَا يَزْدَادُ وَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا فَإِنْ فَعَلَ جَازَ فِي الْقَضَاءِ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ تَجُوزُ الْمُبَارَأَةُ إذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ إضْرَارٍ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى إضْرَارٍ مِنْهُ لَمْ تَجُزْ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ إذَا عُلِمَ أَنَّ زَوْجَهَا أَضَرَّ بِهَا وَضَيَّقَ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ ظَالِمٌ لَهَا قَضَى عَلَيْهَا الطَّلَاقَ وَرَدَّ عَلَيْهَا مَالَهَا وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ جَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا فِي الْخُلْعِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا وَيَحِلُّ لَهُ وَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَعْطَتْهُ عَلَى الْخُلْعِ إذَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ مِنْهُ لَهَا وَعَنْ اللَّيْثِ نَحْوُ ذَلِكَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إذَا كَانَ الْخُلْعُ مِنْ قِبَلِهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا وَإِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute