ذِكْرُ اخْتِلَافِ السَّلَفِ فِي مِيرَاثِ الْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ
لَمْ يَخْتَلِفْ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ فِي رَجُلٍ خَلَفَ بِنْتًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَعَصَبَةً أَنَّ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ فَجَعَلُوهَا عَصَبَةً مَعَ الْبَنَاتِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لِلْبِنْتِ النصف وما بقي فللعصبة وإن بعد نسبه ولاحظ لِلْأُخْتِ فِي الْمِيرَاثِ مَعَ الْبِنْتِ وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَضَى بِهِ
وَرُوِيَ أَنَّهُ قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ إنَّ عَلِيًّا وَعَبْدَ اللَّهِ وَزَيْدًا كَانُوا يَجْعَلُونَ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةً فَيُورَثُونَهُنَّ
فَاضِلَ الْمَالِ فَقَالَ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ يقول الله إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَأَنْتُمْ تَجْعَلُونَ لَهَا مَعَ الْوَلَدِ النِّصْفَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً فَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي تَوْرِيثَ الْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ لِأَنَّ أَخَاهَا الْمَيِّتَ هُوَ مِنْ الْأَقْرَبِينَ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ مِيرَاثَ الْأَقْرَبِينَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَيُحْتَجُّ فِيهِ
بِحَدِيثِ أَبِي قَيْسٍ الْأَوْدِيِّ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَنَّ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ فَأَعْطَى لِلْأُخْتِ بَقِيَّةَ الْمَالِ بَعْدَ السِّهَامِ وَجَعَلَهَا عَصَبَةً مَعَ الْبِنْتِ
وَأَمَّا احْتِجَاجُ مَنْ يَحْتَجُّ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ لَهَا النِّصْفَ إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ لَهَا النِّصْفَ مَعَ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى سَهْمِهَا عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَنْفِ مِيرَاثَهَا مَعَ وُجُودِهِ وَتَسْمِيَتُهُ لَهَا النِّصْفَ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى سُقُوطِ حَقِّهَا إذَا كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ إذْ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْحَالَ بِنَفْيِ الْمِيرَاثِ وَلَا بِإِيجَابِهِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى دَلِيلِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَعْنَاهُ إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ذَكَرٌ بِدَلَالَةِ قَوْله تَعَالَى فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ وَهُوَ يَرِثُها يَعْنِي الْأَخَ يَرِثُ الْأُخْتَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ مَعْنَاهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ذَكَرٌ إذْ لَا خِلَافَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهَا إذَا تَرَكَتْ وَلَدًا أُنْثَى وَأَخًا أَنَّ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ وَالْبَاقِيَ لِلْأَخِ وَالْوَلَدُ الْمَذْكُورُ هَاهُنَا هُوَ الْمَذْكُورُ بَدِيًّا فِي أَوَّلِ الْآيَةِ وَأَيْضًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ وَمَعْنَاهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ذَكَرٌ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute