للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَنَّ الْمَسِيحَ إلَهٌ لِأَنَّ مَنْ احْتَاجَ إلَى الطَّعَامِ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ سَائِرِ الْعِبَادِ فِي الْحَاجَةِ إلَى الصَّانِعِ الْمُدَبِّرِ إذْ كَانَ مَنْ فِيهِ سِمَةُ الْحَدَثِ لَا يَكُونُ قَدِيمًا وَمَنْ يَحْتَاجُ إلَى غَيْرِهِ لَا يَكُونُ قَادِرًا لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ وَقَدْ قِيلَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ إنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ الْحَدَثِ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَأْكُلُ الطَّعَامَ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى الْحَدَثِ لَا مَحَالَةَ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي الْعَادَةِ فَإِنَّ الْحَاجَةَ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَمَا يَحْتَاجُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِمَا مِنْ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ ظَاهِرُ الدَّلَالَةِ عَلَى حَدَثِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِمَا وَعَلَى أَنَّ الْحَوَادِثَ تَتَعَاقَبُ عَلَيْهِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَنْفِي كَوْنَهُ إلَهًا وَقَدِيمًا قَوْله تَعَالَى لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ وَقَتَادَةُ لُعِنُوا عَلَى لِسَانِ دَاوُد فَصَارُوا قِرَدَةً وَعَلَى لِسَانِ عِيسَى فَصَارُوا خَنَازِيرَ وَقِيلَ إنَّ فَائِدَةَ لَعْنِهِمْ عَلَى لِسَانِ الْأَنْبِيَاءِ إعْلَامُهُمْ الْإِيَاسَ مِنْ الْمَغْفِرَةِ مَعَ الْإِقَامَةِ عَلَى الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي لِأَنَّ دُعَاءَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ بِاللَّعْنِ وَالْعُقُوبَةِ مُسْتَجَابٌ وَقِيلَ إنَّمَا ظَهَرَ لَعْنُهُمْ عَلَى لِسَانِ الْأَنْبِيَاءِ لِئَلَّا يُوهِمُوا النَّاسَ أَنَّ لَهُمْ مَنْزِلَةً بِوِلَادَةِ الْأَنْبِيَاءِ تُنَجِّيهِمْ مِنْ عِقَابِ الْمَعَاصِي

قَوْله تَعَالَى كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ مَعْنَاهُ لَا يَنْهَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَنْ الْمُنْكَرِ

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَك ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنْ الْغَدِ فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ

فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِ ثُمَّ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُد وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إلَى قَوْلِهِ فَاسِقُونَ ثُمَّ قَالَ كَلًّا وَاَللَّهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيْ الظَّالِمِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا

وَقَالَ أَبُو دَاوُد وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطِ عَنْ الْعَلَاءِ ابن الْمُسَيِّبِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ زَادَ أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ بِقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ لَيَلْعَنَنَّكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخَبَرِ فِي تَأْوِيلِهَا دَلَالَةٌ عَلَى النَّهْيِ عَنْ مُجَالَسَةِ الْمُظْهِرِينَ لِلْمُنْكَرِ وَأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى مِنْهُمْ بِالنَّهْيِ دُونَ الْهِجْرَانِ

قَوْله تَعَالَى تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي مِنْهُمْ رَاجِعٌ إلَى الْيَهُودِ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ راجع

<<  <  ج: ص:  >  >>