مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ
وَيَمْتَنِعُ إبَاحَةُ النَّفْرِ قَبْلَ تَقْدِيمِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ فَثَبَتَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ قَبْلَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ مِنْ النَّحْرِ فَإِذَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّ الطَّوَافُ فَهُوَ لَا مَحَالَةَ مَنْهِيٌّ عَنْ تَأْخِيرِهِ فَإِذَا أَخَّرَهُ لَزِمَهُ جُبْرَانُهُ بدم وقوله تعالى وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ لَمَّا كَانَ لَفْظًا ظَاهِرَ الْمَعْنَى بَيِّنَ الْمُرَادِ اقْتَضَى جَوَازَ الطَّوَافِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ أَوْقَعَهُ مِنْ حَدَثٍ أَوْ جَنَابَةٍ أَوْ عُرْيَانَ أَوْ مَنْكُوسًا أَوْ زَحْفًا إذْ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى كَوْنِ الطَّهَارَةِ وَمَا ذَكَرْنَا شَرْطًا فِيهِ وَلَوْ شَرَطْنَا فِيهِ الطَّهَارَةَ وَمَا ذَكَرْنَا كُنَّا زَائِدِينَ فِي النَّصِّ مَا لَيْسَ فِيهِ وَالزِّيَادَةُ فِي النَّصِّ غَيْرُ جَائِزَةٍ إلَّا بِمِثْلِ مَا يَجُوزُ بِهِ النَّسْخُ فَقَدْ دَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى وُقُوعِ الطَّوَافِ مَوْقِعَ الْجَوَازِ وَإِنَّ فِعْلَهُ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَقَوْلُهُ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ يَقْتَضِي جَوَازَ أَيِّ ذَلِكَ فَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ إذْ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ دَلَالَةٌ عَلَى التَّرْتِيبِ فَإِنْ فَعَلَ الطَّوَافَ قَبْلَ قَضَاءِ التَّفَثِ أَوْ قَضَى التَّفَثَ ثُمَّ طَافَ فَإِنَّ مُقْتَضَى الآية أن يجزى جَمِيعُ ذَلِكَ إذْ الْوَاوُ لَا تُوجِبُ التَّرْتِيبَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْفُقَهَاءُ فِي إبَاحَةِ الْحَلْقِ وَاللُّبْسِ قَبْلَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَيْضًا فِي حَظْرِ الْجِمَاعِ قَبْلَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الطِّيبِ وَالصَّيْدِ فَقَالَ قَائِلُونَ هُمَا مُبَاحَانِ قَبْلَ الطَّوَافِ وَهُوَ
قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَعَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي آخَرِينَ مِنْ السَّلَفِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنِ عُمَرَ لَا تَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَالصَّيْدُ حَتَّى يَطُوفَ لِلزِّيَارَةِ وَقَالَ قَوْمٌ لَا تَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَالصَّيْدُ حَتَّى يَطُوفَ
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرحمن بن القاسم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى إبَاحَةِ اللُّبْسِ وَالْحَلْقِ قَبْلَ الطَّوَافِ وَلَيْسَ لَهُمَا تَأْثِيرٌ فِي إفْسَادِ الْإِحْرَامِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الطِّيبُ وَالصَّيْدُ مِثْلَهُمَا وقَوْله تَعَالَى بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ لِأَنَّ اللَّهَ أَعْتَقَهُ مِنْ الْجَبَابِرَةِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ أُعْتِقَ مِنْ أَنْ يَمْلِكَهُ الْجَبَابِرَةُ وَقِيلَ إنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ بَنَاهُ آدَم عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ جدده إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهُوَ أَقْدَمُ بَيْتٍ فَسُمِّيَ لِذَلِكَ عَتِيقًا
قَوْله تَعَالَى ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ يَعْنِي بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اجْتِنَابَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي وَقْتِ الْإِحْرَامِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاسْتِعْظَامًا لِمُوَاقَعَةِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فِي إحْرَامِهِ صِيَانَةً لِحَجِّهِ وَإِحْرَامِهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ مِنْ تَرْكِ اسْتِعْظَامِهِ وَالتَّهَاوُنِ بِهِ قَوْله تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute