للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالدَّلَالَةِ عَلَى صِحَّةِ الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِهَذَا الْقِيَاسِ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ وَيُقَالُ لَهُ أَلَيْسَ

قَدْ طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ وَسَعَى ثُمَّ طَافَ أَيْضًا يَوْمَ النَّحْرِ وَطَافَ لِلصَّدْرِ وَأَمَرَ بِهِ

فَهَلْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِهَذَا الطَّوَافِ كُلِّهِ حُكْمٌ وَاحِدٌ فِي بَابِ الْإِيجَابِ فَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الطَّوَافِ نَدْبًا وَبَعْضُهُ وَاجِبًا فَمَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْوُقُوفِ كَذَلِكَ فَيَكُونُ بَعْضُهُ نَدْبًا وَبَعْضُهُ وَاجِبًا

قَوْله تَعَالَى [فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ] قَضَاءُ الْمَنَاسِك هُوَ فِعْلُهَا عَلَى تَمَامٍ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ [فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً] وَقَوْلِهِ [فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ] ومنه

قوله صلّى الله عليه وسلم (فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا)

يَعْنِي افعلوا عَلَى التَّمَامِ وَقَوْلُهُ [فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ] قَدْ قِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الْأَذْكَارُ الْمَفْعُولَةُ فِي سَائِرِ أَحْوَالِ الْمَنَاسِك كَقَوْلِهِ [إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ]

وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ عَلَى مَجْرَى قَوْلِهِمْ إذَا حَجَجْتَ فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَإِذَا أَحْرَمْتَ فَاغْتَسِلْ وَإِذَا صَلَّيْتَ فَتَوَضَّأْ وقَوْله تَعَالَى [إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ] وإنما هو قبل الصلاة وكذلك [فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ] جَائِزٌ أَنْ يُرِيدَ الْأَذْكَارَ الْمَسْنُونَةَ بِعَرَفَاتٍ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَعِنْدَ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَقِيلَ فِيهِ إنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقِفُونَ عِنْدَ قَضَاءِ الْمَنَاسِكِ فَيَذْكُرُونَ مَآثِرَهُمْ وَمَفَاخِرَ آبَائِهِمْ فَأَبْدَلَهُمْ اللَّهُ بِهِ ذِكْرَهُ وَشُكْرَهُ عَلَى نِعَمِهِ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ (إنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ نَخْوَةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَظُّمَهَا بِالْآبَاءِ النَّاسُ مِنْ آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ إلَّا بِالتَّقْوَى)

ثُمَّ تَلَا [يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ] فَكَانَ خُرُوجُ الْكَلَامِ عَلَى حَالٍ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي ذِكْرِهِمْ آبَاءَهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابُ أَيَّام مِنًى وَالنَّفْر فِيهَا

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ [وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ]

قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَوَى سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ عَنْ بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يَعْمُرَ الدِّيلِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ

وَاتَّفَقَ أهل العلم على أن قوله بيان المراد الآية في قوله [أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ] وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ

أَنَّ الْمَعْدُودَاتِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ

وعمر

<<  <  ج: ص:  >  >>