للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ هُوَ كُلُّ نَذْرٍ إلَى أَجَلٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى لُزُومِ الْوَفَاءِ بالنذر لقوله تعالى وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَالْأَمْرُ عَلَى الْوُجُوبِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِيمَنْ نَذَرَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ بَدَنَةً أَوْ نَحْوَهَا أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا بِالْوَفَاءِ بِنَفْسِ الْمَنْذُورِ.

بَابُ طَوَافِ الزِّيَارَةِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ فروى عن الحسن أنه قال وَلْيَطَّوَّفُوا طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ الطَّوَافُ الْوَاجِبُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ لِأَنَّهُ أَمْرٌ وَالْأَوَامِرُ عَلَى الْوُجُوبِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ مَعْطُوفًا عَلَى الْأَمْرِ بِقَضَاءِ التَّفَثِ وَلَا طَوَافَ مَفْعُولٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ بَعْدَ الذَّبْحِ إلَّا طَوَافُ الزِّيَارَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ فَإِنْ قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ طَوَافَ الْقُدُومِ الَّذِي فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حِينَ قَدِمُوا مَكَّةَ وَحَلُّوا بِهِ مِنْ إحْرَامِ الْحَجِّ وَجَعَلُوهُ عُمْرَةً إلَّا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ فَمَنَعَهُ ذَلِكَ مِنْ الْإِحْلَالِ وَمَضَى عَلَى حَجَّتِهِ

قِيل لَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ طَوَافَ الْقُدُومِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ عَقِيبَ الذَّبْحِ وَذَبْحُ الْهَدْيِ إنَّمَا يَكُونُ يَوْمَ النَّحْرِ لِأَنَّهُ قَالَ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ وحقيقة ثم للترتيب والتراخي الْقُدُومِ مَفْعُولٌ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ طَوَافَ الْقُدُومِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أن قوله وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ هُوَ أَمْرٌ وَالْأَمْرُ عَلَى الْوُجُوبِ حَتَّى تَقُومَ دَلَالَةُ النَّدْبِ وَطَوَافُ الْقُدُومِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَفِي صَرْفِ الْمَعْنَى إلَيْهِ صَرْفٌ لِلْكَلَامِ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ الطَّوَافَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمُوا مَكَّةَ لَكَانَ مَنْسُوخًا لِأَنَّ ذَلِكَ الطَّوَافَ إنَّمَا أُمِرُوا بِهِ لِفَسْخِ الْحَجِّ وَذَلِكَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ وَبِمَا

رَوَى رَبِيعَةُ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ فَسْخَ حَجَّتِنَا لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً قَالَ بَلْ لَكُمْ خَاصَّةً

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَأَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَطُوفُ الْحَاجُّ لِلْقُدُومِ وَإِنَّهُ إنْ طَافَ قَبْلَ عَرَفَةَ صَارَتْ حَجَّتُهُ عُمْرَةً وَكَانَ يَحْتَجُّ بِقَوْلِهِ ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ فذهب إلى أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>