قَالَ هُوَ الرَّجُلُ يَشْتُمُك فَتَشْتُمُهُ وَلَكِنْ إنْ افترى عليك فلا تفترى عَلَيْهِ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ وروى ابن عيينة عن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ قَالَ ذَاكَ فِي الضِّيَافَةِ إذَا جِئْت الرَّجُلَ فَلَمْ يُضِفْك فَقَدْ رُخِّصَ أَنْ تَقُولَ فِيهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إنْ كَانَ التَّأْوِيلُ كَمَا ذُكِرَ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ كَانَتْ الضِّيَافَةُ وَاجِبَةً
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ
وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ فِيمَنْ لَا يَجِدُ مَا يَأْكُلُ فَيَسْتَضِيفَ غَيْرَهُ فَلَا يُضِيفُهُ فَهَذَا مَذْمُومٌ يَجُوزُ أَنْ يُشْكَى وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِ الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ تَكَلَّمَ بِسُوءٍ فِيمَنْ كَانَ ظَاهِرُهُ السِّتْرَ وَالصَّلَاحَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أخبر أنه لا يجب ذلك وما لا يحبه فَهُوَ الَّذِي لَا يُرِيدُهُ فَعَلَيْنَا أَنْ نَكْرَهَهُ وننكره وقال إِلَّا مَنْ ظُلِمَ فَمَا لَمْ يَظْهَرْ لَنَا ظُلْمُهُ فَعَلَيْنَا إنْكَارُ سوء القول فيه
وقوله تَعَالَى فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ قَالَ قَتَادَةُ عُوقِبُوا عَلَى ظُلْمِهِمْ وَبَغْيِهِمْ بِتَحْرِيمِ أَشْيَاءَ عَلَيْهِمْ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَغْلِيظِ الْمِحْنَةِ عَلَيْهِمْ بِالتَّحْرِيمِ الشَّرْعِيِّ عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَخْبَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ بِظُلْمِهِمْ وَصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاَلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مَا بَيَّنَهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ
وقوله وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالشَّرَائِعِ مُكَلَّفُونَ بِهَا مُسْتَحَقُّونَ لِلْعِقَابِ عَلَى تَرْكِهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ ذَمَّهُمْ عَلَى أَكْلِ الرِّبَا وَأَخْبَرَ أَنَّهُ عَاقَبَهُمْ عَلَيْهِ
قَوْله تَعَالَى لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ روى عن قتادة أن لكن هاهنا استثناء وقيل أن لا ولكن قَدْ تَتَّفِقَانِ فِي الْإِيجَابِ بَعْدَ النَّفْيِ أَوْ النَّفْيِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَتُطْلَقُ إلَّا وَيُرَادُ بِهَا لَكِنْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَعْنَاهُ لَكِنْ إنْ قَتَلَهُ خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَأُقِيمَتْ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَقَامَ لَكِنْ وَتَنْفَصِلُ لَكِنْ مِنْ إلَّا بِأَنَّ إلَّا لِإِخْرَاجِ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَلَكِنْ قَدْ تَكُونُ بَعْدَ الْوَاحِدِ نَحْوَ قَوْلِك مَا جَاءَنِي زَيْدٌ لَكِنْ عمرو وحقيقة لكن الاستدراك ولا لِلتَّخْصِيصِ
قَوْله تَعَالَى يَا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِأَنَّ النَّصَارَى غَلَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute