للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَ غَيْرِهَا لِأَجْلِ الْحَمْلِ وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ بَاطِلٌ لِأَنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ مَنْسُوخَةٌ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ أَيْضًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ النَّفَقَةَ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ حَالًا فَحَالًا عَلَى حَسَبِ مُضِيِّ الْأَوْقَاتِ وَتَسْلِيمِ نَفْسِهَا فِي بَيْتِ الزَّوْجِ وَلَا يَجُوزُ إيجَابُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ سَبِيلَهَا أَنْ يَحْكُمَ بِهَا الْحَاكِمُ عَلَى الزَّوْجِ وَيُثْبِتَهَا فِي ذِمَّتِهِ وَتُؤْخَذَ مِنْ مَالِهِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ ذِمَّةٌ فَتَثْبُتُ فِيهَا فَلَمْ يَجُزْ أَخْذُهَا مِنْ مَالِهِ إذَا لَمْ تَثْبُتْ عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ الْمِيرَاثَ قد انتقل إلى الورثة بالموت إذا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَيْنٌ عِنْدَ الْمَوْتِ فَغَيْرُ جَائِزٍ إثْبَاتُهَا فِي مَالِ الْوَرَثَةِ وَلَا فِي مَالِ الزَّوْجِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يَخْلُ إيجَابُ النَّفَقَةِ لَهَا فِي مَالِ الزوج من أَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ وُجُوبُهَا مُتَعَلِّقًا بِكَوْنِهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ لِأَجْلِ الْحَمْلِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ إيجَابَهَا لِأَجْلِ الْعِدَّةِ غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا يَجُوزُ إيجَابُهَا لِأَجْلِ الْحَمْلِ لِأَنَّ الْحَمْلَ نفسه لا يستحق نفقة عَلَى الْوَرَثَةِ إذْ هُوَ مُوسِرٌ مِثْلُهُمْ بِمِيرَاثِهِ وَلَوْ وَلَدَتْهُ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُ عَلَى الْوَرَثَةِ فَكَيْفَ تَجِبُ لَهُ فِي حَالِ الْحَمْلِ فَلَمْ يَبْقَ وَجْهٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ النَّفَقَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابُ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ الْآيَةَ وَقَدْ قِيلَ فِي الْخِطْبَةِ إنَّهَا الذِّكْرُ الَّذِي يُسْتَدْعَى بِهِ إلَى عُقْدَةِ النِّكَاحِ وَالْخُطْبَةُ بِالضَّمِّ الْمَوْعِظَةُ الْمُتَّسِقَةُ عَلَى ضُرُوبٍ مِنْ التَّأْلِيفِ وَقَدْ قِيلَ أَيْضًا إنَّ الْخُطْبَةَ مَا لَهُ أَوَّلٌ وَآخِرٌ كَالرِّسَالَةِ وَالْخِطْبَةُ لِلْحَالِ نَحْوَ الْجِلْسَة وَالْقِعْدَةِ وَقِيلَ فِي التَّعْرِيضِ إنَّهُ مَا تَضَمَّنَ الْكَلَامُ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لَهُ كَقَوْلِ الْقَائِلِ مَا أَنَا بِزَانٍ يُعَرِّضُ بِغَيْرِهِ أَنَّهُ زَانٍ وَلِذَلِكَ رَأَى عُمَرُ فِيهِ الْحَدَّ وَجَعَلَهُ كَالتَّصْرِيحِ وَالْكِنَايَةُ الْعُدُولُ عَنْ صَرِيحِ اسْمِهِ إلَى ذِكْرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يَعْنِي الْقُرْآنَ فَالْهَاءُ كِنَايَةٌ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ التَّعْرِيضُ بِالْخِطْبَةِ أَنْ يَقُولَ لَهَا إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ أَمْرِهَا وَأَمْرِهَا يُعَرِّضُ لَهَا بِالْقَوْلِ وَقَالَ الْحَسَنُ هُوَ أَنْ يَقُولَ لَهَا إنِّي بِك لَمُعْجَبٌ وَإِنِّي فِيك لَرَاغِبٌ وَلَا تُفَوِّتِينَا نَفْسَك

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس وهي في العدة لا تفوتينا نفسك ثُمَّ خَطَبَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ هُوَ أَنْ يَقُولَ لَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ إنَّك لَكَرِيمَةٌ وَإِنَّى فِيك لَرَاغِبٌ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَائِقٌ إلَيْك خَيْرًا أَوْ نَحْوُ هَذَا مِنْ الْقَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>