للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه بلا مسوغ لِلتَّأْوِيلِ فِيهِ وَالْأَخْبَارُ الْمَرْوِيَّةُ فِي الرُّؤْيَةِ إنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا الْعِلْمُ لَوْ صَحَّتْ وَهُوَ عِلْمُ الضَّرُورَةِ الَّذِي لَا تَشُوبُهُ شُبْهَةٌ وَلَا تَعْرِضُ فِيهِ الشُّكُوكُ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ مَشْهُورَةٌ فِي اللُّغَةِ

قَوْله تَعَالَى وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ ما أشركوا مَعْنَاهُ لَوْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونُوا عَلَى ضِدِّ الشِّرْكِ مِنْ الْإِيمَانِ قَسْرًا مَا أَشْرَكُوا لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ أَنْ يَكُونَ لَا بِأَنْ لَا يَكُونَ فَمُتَعَلِّقُ الْمَشِيئَةِ مَحْذُوفٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْمَشِيئَةِ الْحَالُ الَّتِي تُنَافِي الشرك قسرا بالانقطاع عَنْ الشِّرْكِ عَجْزًا وَمَنْعًا وَإِلْجَاءً فَهَذِهِ الْحَالُ لا يشأها اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْمَعْصِيَةِ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ مَنْعٌ مِنْ الطَّاعَةِ وَإِبْطَالٌ لِلثَّوَابِ وَالْعِقَابِ فِي الْآخِرَةِ

قَوْله تَعَالَى وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بغير علم قَالَ السُّدِّيُّ لَا تَسُبُّوا الْأَصْنَامَ فَيَسُبُّوا مِنْ أَمْرِكُمْ بِمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ عَيْبِهَا وَقِيلَ لَا تَسُبُّوا الْأَصْنَامَ فَيَحْمِلُهُمْ الْغَيْظُ وَالْجَهْلُ عَلَى أَنْ يَسُبُّوا مَنْ تَعْبُدُونَ كَمَا سَبَبْتُمْ مَنْ يَعْبُدُونَ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحِقَّ عَلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ عَنْ سَبِّ السُّفَهَاءِ الَّذِينَ يَتَسَرَّعُونَ إلَى سَبِّهِ عَلَى وَجْهِ الْمُقَابَلَةِ لَهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَعْثِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ قَوْله تَعَالَى فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كنتم بآياته مؤمنين ظَاهِرُهُ أَمْرٌ وَمَعْنَاهُ الْإِبَاحَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذَا حللتم فاصطادوا- فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض هَذَا إذَا أَرَادَ بِأَكْلِهِ التَّلَذُّذَ فَهُوَ إبَاحَةٌ يحتمل الترغيب في اعتقاد صحة الإذن فيه فِي أَكْلِهِ لِلِاسْتِعَانَةِ بِهِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ آكِلُهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ مَأْجُورًا

وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولَ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مؤمنين يَدُلُّ عَلَى حَظْرِ أَكْلِ مَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ لِاقْتِضَائِهِ مُخَالَفَةَ الْمُشْرِكِينَ فِي أَكْلِ مَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وقوله مما ذكر اسم الله عليه عُمُومٌ فِي سَائِرِ الْأَذْكَارِ وَيُحْتَجُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ ذَبْحِ الْغَاصِبِ لِلشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ وَفِي الذبح بسكين مغصوبة أن المالك للشاة أَكْلُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ الله عليه إذْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ

قَوْله تَعَالَى وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وباطنه قَالَ الضَّحَّاكُ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَرَوْنَ إعْلَانَ الزِّنَا إثْمًا وَالِاسْتِسْرَارُ بِهِ غَيْرُ إثْمٍ فَقَالَ الله تعالى وذروا ظاهر الإثم وباطنه وَهُوَ عُمُومٌ فِي سَائِرِ مَا يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ أَنَّ عَلَيْهِ تَرْكَهُ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَهُوَ يوجب تحريم الخمر أيضا لقوله تعالى يسئلونك عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُ الْإِثْمِ مَا يَفْعَلُهُ بِالْجَوَارِحِ وَبَاطِنُهُ مَا يَفْعَلُهُ بِقَلْبِهِ مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ وَالْفُصُولِ وَنَحْوِهَا مِمَّا حُظِرَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ مِنْهَا

قَوْله تَعَالَى وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عليه وإنه لفسق

<<  <  ج: ص:  >  >>