بِالْمِيرَاثِ مِنْ أَجْلِ اخْتِصَاصِهِ بِالسَّهْمِ وَالتَّعْصِيبِ وَشَبَّهَ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ ذَلِكَ بِالْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخٌ لِأَبٍ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَ الْآخَرِينَ مُشْبِهًا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ نَسَبَهُمَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْأُخُوَّةُ فَاعْتُبِرَ فِيهَا أَقْرَبُهُمَا إلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي اجْتَمَعَ لَهُ قَرَابَةُ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَلَا يَسْتَحِقُّ بِقَرَابَتِهِ مِنْ الْأُمِّ سَهْمَ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ بَلْ إنَّمَا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ حُكْمُ الْأُخُوَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ابْنَا الْعَمِّ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَخًا لِأُمٍّ لِأَنَّك تُرِيدُ أَنْ تُؤَكِّدَ بِالْأُخُوَّةِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ مَا لَيْسَ بِأُخُوَّةٍ وَإِنَّمَا هُوَ سَبَبٌ آخَرُ غَيْرُهَا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُؤَكِّدَهُ بِهَا ويدل لك عَلَى هَذَا أَنَّ نِسْبَتَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ ابْنُ الْعَمِّ لَا يُسْقِطُ سَهْمَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ بَلْ يَرِثُ بِأَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ سَهْمُ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ وَإِنْ كَانَ ابْنُ عَمٍّ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَيِّتَةَ لَوْ تَرَكَتْ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَزَوْجًا وَأَخًا لِأُمٍّ هُوَ ابْنُ عَمٍّ أَنَّ لِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ وَلِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَلِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسَ وَلَمْ يَسْقُطْ سَهْمُهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ ابْنُ عَمٍّ وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأُخْتًا لِأُمٍّ وَإِخْوَةً لِأَبٍ وَأُمٍّ كَانَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسُ وَمَا بَقِيَ فَلِلْإِخْوَةِ مِنْ الأب والأم ولم يستحق أخوة مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ سَهْمَ الْأُخُوَّةِ مِنْ الْأُمِّ لِمُشَارَكَتِهِمْ لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ فِي نَسَبِهَا بَلْ إنَّمَا اسْتَحَقُّوا بِالتَّعْصِيبِ فَكَانَتْ قَرَابَتُهُمْ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ مُؤَكَّدَةً لَتَعْصِيبِهِمْ فَلَا يَسْتَحِقُّونَ بِهَا أَنْ يَكُونُوا مِنْ ذَوِي السِّهَامِ وَقَرَابَةُ ابْنِ الْعَمِّ بِنَسَبِهِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ لَا تُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَوِي السِّهَامِ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ سَهْمِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ وَلَيْسَ لِهَذَا تَأْثِيرٌ فِي تَأْكِيدِ التَّعْصِيبِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ أَبَدًا إلَّا بِالتَّعْصِيبِ كما لا يؤخذ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ إلَّا بِالتَّعْصِيبِ وَلَا يَأْخُذُونَ بِقَرَابَتِهِمْ مِنْ الْأُمِّ سَهْمَ الْأُخُوَّةِ مِنْ الْأُمِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَيُوصِي بِوَصِيَّةٍ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ
وروى الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ تَقْرَءُونَ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ وَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ أَنَّ الْمِيرَاثَ بَعْدَ هَذَيْنِ وَلَيْسَتْ أَوْ فِي هذا الموضع لأحدهما بل قد تناولهما جَمِيعًا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ مُسْتَثْنًى عَنْ الْجُمْلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ وَمَتَى دَخَلَتْ أَوْ عَلَى النَّفْيِ صَارَتْ فِي مَعْنَى الْوَاوِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute