مَا اسْتَثْنَاهُنَّ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَا يَمْنَعُ ذِكْرُ الْإِحْصَانِ فِيهِ مِنْ اعْتِبَارِ عُمُومِهِ فِيمَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْ جِهَةِ الْعَفَافِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ السَّلَفِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي إبَاحَةِ وَطْءِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَكُلُّ مَنْ جَازَ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ جَازَ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ النِّكَاحِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَجُوزُ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْحُرَّةِ الْمُنْفَرِدَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمَةَ لَمَّا جَازَ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ جَازَ وَطْؤُهَا بِالنِّكَاحِ وَأَنَّ الْأُخْتَ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّ الْمَرْأَةِ وَحَلِيلَةَ الِابْنِ وَمَا نَكَحَ الْآبَاءُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ وَطْؤُهُنَّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ حُرِّمَ وَطْؤُهُنَّ بِالنِّكَاحِ فَلَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى جَوَازِ وَطْءِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَجَبَ جَوَازُ وَطْئِهَا بِالنِّكَاحِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ وَطْءُ الْحُرَّةِ الْمُنْفَرِدَةِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ يَجُوزُ وَطْءُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَا يَجُوزُ بِالنِّكَاحِ كَمَا إذَا كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ قِيلَ لَهُ لَمْ نَجْعَلْ مَا ذَكَرْنَا عِلَّةً لِجَوَازِ نِكَاحِهَا فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ عِلَّةً لِجَوَازِ نِكَاحِهَا مُنْفَرِدَةً غَيْرَ مَجْمُوعَةٍ إلَى غَيْرِهَا أَلَا ترى أن الأمة المسلمة يجوز نكاحها منفردة ولو كانت تَحْتَهُ حُرَّةٌ لَمَا جَازَ نِكَاحُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ نِكَاحُهَا مِنْ طَرِيقِ جَمْعِهَا إلَى الْحُرَّةِ كَمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا لَوْ كَانَتْ أُخْتُهَا تحته وهي أمة فعلنا صَحِيحَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ جَارِيَةٌ فِي مَعْلُولَاتِهَا غَيْرُ لَازِمٍ عليها ما ذكرت إذ كانت منصوبة لِجَوَازِ نِكَاحِهَا مُنْفَرِدَةً غَيْرَ مَجْمُوعَةٍ إلَى غَيْرِهَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
بَابٌ نِكَاحُ الْأَمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ اقْتَضَى ذَلِكَ بُطْلَانَ نِكَاحِ الْأَمَةِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ سَيِّدُهَا وَذَلِكَ لأن قوله تعالى فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْإِذْنِ شَرْطًا فِي جَوَازِ النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النِّكَاحُ وَاجِبًا وَهُوَ مِثْلُ
قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ
أَنَّ السَّلَمَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَكِنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَنْ يُسْلِمَ فَعَلَيْهِ اسْتِيفَاءُ هَذِهِ الشَّرَائِطِ كَذَلِكَ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَتْمًا فَعَلَيْهِ
إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَهَا إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
هَذَا الْمَعْنَى فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا محمد بن شَاذَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُعَلَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهُوَ عَاهِرٌ
حَدَّثَنَا عَبْدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute