فَأَتَيْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَ نَبِيتُ عِنْدَ إحْدَانَا فَقَالَ تَزَاوَرْنَ بِالنَّهَارِ فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَلْتَأْوِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ إلَى بَيْتِهَا
وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ مِنْهُمْ عَلِيُّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةُ وَمَا قَدَّمْنَا مِنْ دَلِيلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يُوجِبُ صِحَّةَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَإِنْ قِيلَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ قِيلَ لَهُ الْمَعْنَى فَإِذَا خَرَجْنَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهَا لَوْ خَرَجَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِالِاتِّفَاقِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فَإِذَا خَرَجْنَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا كَانَ حَظْرُ الِانْتِقَالِ بَاقِيًا عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَإِنَّمَا قَالُوا إنَّ الْمُطَلَّقَةَ لَا تَخْرُجُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ وَذَلِكَ عُمُومٌ فِي جَمِيعِهِنَّ وَحَظْرٌ عَنْ خُرُوجِهِنَّ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَخَالَفَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فهي مستغنية عن الخروج والله أعلم.
باب ذِكْرُ إحْدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا
رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّ عَلَيْهَا اجْتِنَابَ الزِّينَةِ وَالطِّيبِ مِنْهُمْ عَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمْ وَمِنْ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَحَكَاهُ عَنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَسَائِرِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِيهِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بكر عن حميد بن نافع عن زينت بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ قَالَتْ زَيْنَبُ دَخَلْت عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ فَدَعَتْ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرِهِ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً ثم مست بعارضيها ثم قالت والله مالي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تحد على ميت فوق ثلاث ليالي إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قَالَتْ زَيْنَبُ وَدَخَلْت عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ ثُمَّ قالت والله مالي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ (لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قَالَتْ زَيْنَبُ وَسَمِعْت أُمِّي أُمَّ سَلَمَةَ تقول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute