للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ وَالنَّيْلُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَصْحَابُهَا مُعَانُونَ قَلِّدُوهَا وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَيَّنَ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْخَيْرَ هُوَ الْأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ وَفِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ أَنَّ ارْتِبَاطَهَا قُرْبَةٌ إلَى اللَّه تَعَالَى فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الْجِهَادُ وَهُوَ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى بَقَاءِ الْجِهَادِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إذْ كَانَ الْأَجْرُ مُسْتَحِقًّا بِارْتِبَاطِهَا لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ

وَقَوْلُهُ صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ

قِيلَ فِيهِ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا خَشْيَةُ اخْتِنَاقِهَا بِالْوَتَرِ وَالثَّانِي أَنَّ أَهْلَ الجاهلية كانوا إذا طلبوا بالأوتار والدخول قلدوها خَيْلَهُمْ الْأَوْتَارَ يَدُلُّونَ بِهَا عَلَى أَنَّهُمْ طَالِبُونَ بِالْأَوْتَارِ مُجْتَهِدُونَ فِي قَتْلِ مَنْ يَطْلُبُونَهُمْ بِهَا فأبطل النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم الطلب بدخول الْجَاهِلِيَّةِ وَلِذَلِكَ

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ أَلَا إنَّ كُلَّ دَمٍ وَمَأْثَرَةٍ فَهُوَ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ

وأول دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ.

بَابُ الْهُدْنَةِ وَالْمُوَادَعَةِ

قَالَ اللَّه تَعَالَى وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لها وَالْجُنُوحُ الْمَيْلُ وَمِنْهُ يُقَالُ جَنَحَتْ السَّفِينَةُ إذَا مالت والسلم المسألة وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُمْ إنْ مَالُوا إلَى الْمُسَالَمَةِ وَهِيَ طَلَبُ السَّلَامَةِ مِنْ الْحَرْبِ فَسَالِمْهُمْ وَاقْبَلْ ذلك منهم وإنما قال فاجنح لها لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ الْمُسَالَمَةِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي بَقَاءِ هَذَا الْحُكْمِ فَرَوَى سَعِيدٌ وَمَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حيث وجدتموهم وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ مِثْلُهُ وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ وعثمان بن عطاء عن عطاء الخراساني عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا قَالَ نَسَخَتْهَا قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخر- إلى قوله- وهم صاغرون وَقَالَ آخَرُونَ لَا نَسْخَ فِيهَا لِأَنَّهَا فِي مُوَادَعَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وقَوْله تَعَالَى فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ فِي عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ كان النبي صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ عَاهَدَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَصْنَافًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْهُمْ النَّضِيرُ وَبَنُو قَيْنُقَاعَ وَقُرَيْظَةُ وَعَاهَدَ قَبَائِلَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ هُدْنَةُ الْحُدَيْبِيَةِ

إلَى أَنْ نَقَضَتْ قُرَيْشٌ ذلك العهد بقتالها خزاعة خلفاء النبي صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ نَقَلَةُ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي فِي ذَلِكَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَكْثُرَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَيَقْوَى أَهْلُهُ فَلَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ وَقَوِيَ الدِّينُ أَمَرَ بِقَتْلِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامَ أَوْ السَّيْفَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وَأَمَرَ بِقِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا باليوم الآخر- إلى قوله-

<<  <  ج: ص:  >  >>